مرة أخرى تدق طبول الحرب في الخليج، وهذه المرة المؤشرات أقوى بوجود ناقلة نفط بريطانية محتجزة، وتعزيز القوات الأميركية في السعودية، وغيرهما من المناورات العسكرية، والرسائل الأميركية ـ الإيرانية التي تتبدل يوما بعد آخر.
لا شك في أن كل هذه العوامل تجعل الاستثمار في الأسهم أمرا صعبا في هذه الأوقات، وهو السبب الذي يجعلنا نرى تذبذبا قويا في البورصة الكويتية على سبيل المثال.
لكن، الأسهم تبقى ملاذا آمنا مهما اختلف كثيرون في هذا الرأي، خصوصا في الأسهم المسماة «دفاعية»، فالاستثمار في الأسهم هو أفضل من أي استثمار آخر، لأن حملة الأسهم يحصلون على توزيعات نقدية، ويمكنهم الحصول على عدد اسهم اكثر عندما تقرر الشركات توزيع اسهم (توزيع منحة) وهو ما يعني أن أسهمهم تزيد مع الوقت.
في السوق الأميركية، يحتفظ الناس بالأسهم في الشركات الدفاعية، ويشترون هذه الشركات في سنوات مبكرة ويحتفظون بها منذ سنوات الثلاثين والأربعين حتى سنوات التقاعد، حيث تصبح ثروات كبيرة تضمن لهم حياة افضل بعد سنوات طويلة.
الميزة في المستثمرين طويلي الأجل، انهم لا يبيعون أسهمهم أبدا، مهما حدث في البورصات من هزات صعود وهبوط، لأن هذا الاستثمار يفترض ان يكون بعيدا عن عمليات المضاربة.
فوظيفة البورصات هي «الصعود والهبوط»، لأنها تعكس رغبات الناس ومشاعرها وأحاسيسها تجاه الأسهم، فهناك من يرى فرصة شراء عند وجود خبر سلبي لشركة ما، وهناك من يرى انه التوقيت الأفضل للتخلص من سهم هذه الشركة، وهكذا يلتقي العرض والطلب، وإلا لا منطق للبورصات اذا كانت ستستمر في الصعود أو الهبوط أو حتى الاستقرار.
لكن مبدأ الاستثمار في الأسهم لسنوات طويلة هو الذي يحقق المنفعة من الاستثمار، فقد تفلس شركة ما، وهو أمر وارد، وقد لا ينال المساهم شيئا من هذه الشركة، وهو احتمال كبير، لكن هذا هو الاستثمار، فعليك تقبل نتيجته، ولا يفترض التحسر او الإصابة بحالة هلع من ضياع الاسهم، لأنه في نهاية المطاف حياتك لن تقف عند سهم هنا او شركة هنا، فالاستثمارات عموما تجعل الحياة افضل في فترة التقاعد، ولكنها لا يفترض ان تكون هي الضامن الاول للتقاعد، فاغلب الدول اليوم تضمن الطبابة المجانية للمتقاعدين، وتدفع لهم تقاعدهم كرواتب شهرية.
وخسارة استثمار ما هو كمن فتح دكانا قبل 5 سنوات، وأغلقه لعدم جدواه الاقتصادية، فكل الاستثمارات تشبه بعضها، وان كانت تختلف بالمسمى وطبيعتها وقطاعها.
إن أهمية استثمار الأسهم، خصوصا الدفاعية منها، في كونه يضع احتمالات الربح على المدى الطويل أكثر من الخسارة، تخيل لو انك اشتريت اسهم بنك في الثلاثين من عمرك، وتركتها 30 سنة، وأعدت استثمار التوزيعات النقدية في شراء اسهم البنك نفسه أو بنك آخر، صحيح ان البنوك تتعرض للهزات الاقتصادية اولا، لكنها محمية من الأنظمة السياسية دائما، خصوصا في دول الخليج، وهذه ليست دعوة للشراء أو البيع أو الاحتفاظ بالأسهم المصرفية، لكنها محاولة لشرح النظام الاقتصادي خلف البورصات والأسهم، والسبب الذي يجعل اسهما اكثر جدوى لاقتنائها من اخرى على المدى البعيد.
@boumeree
[email protected]