اسم حفر في قلوبنا وعقولنا لن ننساك يا زايد، طالما حلمت بأن أجلس معك وأقابلك، لكن لم تحصل لي هذه الفرصة، ولكن يكفيني فخرا بأنني عشت وترعرعت في عصرك، الكثير يحسدنا على حصولنا «جيل زايد» على هذه الفرصة.
حتى يومنا هذا أذكر يوم وفاته (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته) خرجنا من مدينة العين متجهين لأداء الواجب وحضور صلاة الميت الذي مازال حيا حتى يومنا هذا، هذه الشخصية التي لا أظن أن تموت ما حيينا، وصلنا إلى مداخل العاصمة لم نشعر ببعضنا بعضا فالكل جالس في صمت وفي صدمة، وقد أقفلت الطرق وتم تحويلنا إلى نقطة التجمع التي تنطلق منها الحافلات التي تقل الشعب والأفواج الكبيرة التي جاءت لتأدية صلاة الجنازة، وصلنا بعد عناء كبير من كثرة الازدحام صلينا الجنازة وتناثر الشعب الوفي يبحث وينتظر المركبة التي تحمل الجثمان ليودعوه ويلوحوا له للمرة الأخيرة، رحمك الله يا زايد، وجاءت سيارة الإسعاف التي ظن الكثير وأنا معهم أنها تحمل زايد الخير بين أحضانها.
وأخذنا نركض وراءها لا أعلم لما جريت وراءها لكنني جريت واستمررت في الجري ومعنا الكثير من الناس واختفت المركبة بعيدا وانقطعت أنفاسنا وانهارت قوانا، رجعنا إلى نقطة تجمع السيارات التي انتشرت في كل مكان، وأخذنا الكثير من الوقت لإيجاد سيارتنا طبعا بعد الاستعانة بدوريات الشرطة التي كانت منتشرة في كل مكان تنظم السير وتوزع العصائر والماء على الصائمين فقد أذن لصلاة المغرب منذ حوالي نصف الساعة.
صعدنا إلى السيارة وتوجهنا إلى منزل أبي في أبوظبي لتناول الإفطار وكانت الشوارع فارغة حزينة لم نشعر حتى بالجوع رغم الجهد الذي بذلناه في ذلك اليوم.
عجبت من نفسي فلم أذرف دمعة واحدة رغم هذه الفاجعة، هل هي الصدمة أم الحزن الشديد؟ لم أعلم السبب وراء ذلك، بعد فترة من الزمن وبعد دفن الشيخ زايد في مسجده الكبير وكان تحت الإنشاء في تلك الفترة، وبعد السماح للزوار بدخول مقبرة زايد، رحمه الله، ذهبنا أنا وأحد الأصدقاء، وحدث ما حدث فمجرد ما وصلنا إلى قبره قلت لصديقي ليتني استطعت الوصول لهذا القرب منه، رحمه الله، في حياته، وها هو لا يفصل بيننا إلا هذا الحاجز البسيط، لكن بمجرد مقولتي تلك حتى تساقطت دموعي حزنا عليه، ولم أستطع ضبط نفسي وتحولت هذه الدموع إلى نياح، وفقدت السيطرة على نفسي، غطت الدموع على عيني لم أستطع النظر أمامي، أخذني صديقي بيدي وأوصلني إلى سيارتنا لا أظن أنني كنت سأستطيع القيادة لولا وجوده معي، لعل تفسيري لعدم تساقط دموعي عليه يوم الوفاة هو الصدمة ودخولي في مرحلة عدم التصديق بوفاته، ورؤيتي للقبر أكدت عكس ذلك، وكان الدليل الملموس الذي فجر هذه الأحاسيس، رحمك الله يا زايد.