بتحريكة إصبعك فقط تستطيع أن تعزل نفسك عن الجميع بغضّ النظر عن موقعك، أينما كنت، فقط اضغط على مفتاح التشغيل بعد أن تضع سماعاتك الحديثة التي تعزل جميع الأصوات من حولك «Noise Cancelation»، وإذا أردت انعزالا اكثر ضع نظارتك الشمسية القاتمة شديدة السواد.
وعش واسرح وحلّق بعيدا وقريبا دون قيود في خيالك وذكرياتك، ابحث وقلب في مستودعك الكبير، سيقودك مزاجك إلى القسم المناسب والرفّ الذي ترغب في الذهاب إليه، إن أردت الألم فهو هناك بعيد في تلك الزاوية، وإذا أردت القسوة فستجدها في الأرفف العلوية بجانب السلم الذي اعتلاه الصدأ، أما السعادة فلا تعب في إيجادها ففي أول رف من على جهة اليمين. كل شيء في موقعه ينتظر التحديث الأخير.
يختلف ذلك الترتيب الذي ذكرت على حسب حالتك النفسية، لا شك كل شيء موجود، لكن القسوة التي كانت في الأرفف العلوية لعلك تجدها وتتعثر بها عند دخولك في المرة القادمة.
لا تخف، كل شيء في مكانه مثلما تركته من ظهورك الأخير، لا تطيل بقاءك هناك فما زال هناك الكثير من الأرفف التي تحتاج إلى ملء فمن غيرك يستطيع ملأها أنت الوحيد الذي تملك التصريح بذلك ولا أحد سواك فلابد من خروجك من صندوقك الأحمر.
لأنك لا تستطيع تحديثه إلا بخروجك إلى العالم الحقيقي، لكن لا تعد فجأة حاذر وانتبه، ارجع تدريجيا، ابدأ بنزع نظاراتك ببطء لتعود إلى واقعك الجميل المبهج بإذن الله، لترى من هم حولك لا اعجب من كونهم في «وضع الطيران» مثلما كنت أنا ثم انزع سماعاتك اليسرى ثم اليمنى. مرحبا بك في الواقع بعيدا عن «صندوقك الأحمر» ولابد لك من عودة.