توفي أبناؤه الأربعة وعلى رأس القائمة امرأته في حادث سير رحمهم الله وأسكنهم فسيح الجنات، موقف مفجع ومخيف وخسارة عظيمة، عصر النبأ هذا قلوب الجميع دون استثناء.
حضرت مع المعزين لنؤدي الواجب وكان الحضور كثر، خطوات صعبة كنت امشيها كعادة مجالسنا نبدأ باليمين وكانت عيني وقلبي عليه، كان يقف في صدر المجلس، جلست أردد الحوار بيني وبين نفسي لم أجد الكلمات، تخوننا هي إذا جئنا نعزي في فقيد واحد فما بالك بخمسة، وصلت إليه وجها لوجه رددت عبارات التعزية المعهودة، كنت أتمنى احتضانه والتخفيف عنه ذلك الحمل الكبير، لكن أعصابي وعقلي لم يتمالكا الفكرة، وخشيت ان اثير مواجعه وتنهار الدموع ولا تقف.
اثار فضولنا ماذا جرى وكيف حصل الحادث الأليم، تحدث أقاربه معنا عن بعض التفاصيل المحزنة والتي لا أستطيع التحدث عن أكثرها حفاظا على الخصوصية، أحدها تلك الحادثة عندما وصل الأب إلى موقع الحادث أخذ في تفقد أولاده، رحمهم الله، ويخرجهم من المركبة وأثناء ذلك اتسخت ثيابه وتلونت بالدماء فعرضوا عليه تغيير ذلك الثوب، ورد قائلا «أتريدني أن أنزع ثوبي وعليه دماء ابنائي آخر ما بقي منهم»، رد مؤلم يبين إلى أي مدى كانت مأساة دموية، اسأل الله ان يصبره ويثبته على الحق، لا شك ان خسارته كانت واضحة ومؤثرة.
لكن أرعبني ذلك الشعور الذي ظل يهمس في صدري وأذني هل خسرت انا شيئا ما دون علمي، خسارة من وراء ظهري؟ وأخرى من وراء ظهوركم؟ سؤال بحاجة إلى مراجعة وتفكر منا جميعا لأن الإجابة عنه تظل في علم الغيب حتى يريد الله لها الانكشاف والظهور، هناك دموع كثيرة بين هذا السطر وذاك دموع أخفاها عنكم الحبر الجديد الذي نكتب به في عصرنا هذا حبر لا يذوب ولا يسيح.