تختلف وسائل احتلال الدول وفقا لاستراتيجية المحتل، فهناك الاحتلال الاستيطاني المؤقت وأحد نماذجه الاحتلال بالاقتحام أي باستخدام القوة العسكرية الغاشمة (للمحتل) يتفوق بها على دفاعات الدولة (المحتلة) ويصاحب هذا النوع من الاحتلال خسائر في الأرواح والمعدات، وهو ما حدث في الغزو العراقي للكويت 1990 - 1991، وفي الاحتلال الأميركي للعراق 2003 -2011 ولليابان 1945-1951 ولا يكون الغرض من هذا الاحتلال الاستقرار الدائم في البلد المحتل ولا يعمل على تغيير تركيبتها السكانية.
النموذج الآخر الشائع من الاحتلال الاستيطاني هو الاحتلال الثقافي او الاحتلال الدائم بالاختراق أو التغلغل وتغيير التركيبة السكانية ليصعب التخلص من المحتل وتمارسه ايران في اقليم الاحواز منذ احتلاله عام 1920، وفي العراق وسورية ولبنان واليمن حاليا وتسعى لتطبيقه في دول الخليج، ويلجأ اليه المحتل تفاديا لمواجهة الرأي العام العالمي ومخالفة القوانين والاعراف الدولية وعندما تكون الدولة المستهدفة ترتبط باتفاقيات دفاع مشترك مع قوى عظمى لا قبل له بمواجهتها، ويحتاج أسلوب الاختراق لعوامل تسهل تسلله داخل الدولة المستهدفة كعدم اهتمامها بمطامعه نتيجة لأخطاء في ادارة الدولة ووجود أقليات مستعدة للتعاون معه وعادة ما يكون التعاون مبنيا على أسباب عقدية ودينية.
يبدأ المحتل بتشجيع الموالين له من مواطني الدولة المستهدفة على التغلغل في المرافق المهمة والانفراد بتشغيلها والسيطرة عليها كالكهرباء والماء ووسائل الاعلام وقطاعات معينة في القوات المسلحة كالإمداد والتموين والدفاع الجوي والصواريخ والطيران والقوة البحرية في الدول الساحلية، كما يشرع في تدريب قطاعات من الشباب الموالي له على الأعمال العسكرية والأعمال المساندة لها، ويحرص على تنمية ولائهم الدائم له بتقديم نفسه على انه النموذج الصحيح للدين وان اتباع قادته واجب شرعي لا مناص منه، وهذا النمط من الاحتلال غرضه البقاء الدائم ويصعب التخلص منه، ولقد اتبعت ايران هذا النموذج ابان حكم الشاه مع مملكة البحرين اذ طالب شاه ايران عندما جوبه برفض دولي لضمه البحرين بإجراء استفتاء على رغبة البحرينيين في الانضمام لإيران 1970 وقد أصر البحرينيون على عروبة واستقلال بلادهم، وبالرغم من ذلك لم تنقطع المحاولات الايرانية الهادفة لكسب المزيد من الموالين وتشجيعهم للاستيلاء على الحكم حتى اليوم، فأخذت بحث مواليها على التظاهر في محاولة لشل الدولة مما حدى بالبحرين الى الاستعانة بمجلس التعاون الخليجي وفقا للاتفاقيات المبرمة بين دوله ودعوة قوات درع الجزيرة المشتركة للتدخل والسيطرة على الحركات المشبوهة وهذا ما كان.
[email protected]