كتب أحد الزملاء يقول انه لاحظ أن المقيمين بصورة غير مشروعة (البدون) يتمتعون باستقرار في مزاجهم العام يزيد عن ذلك الذي يعيشه الكويتيون! وهي ملاحظة جديرة بالاهتمام إذا ما أخذنا في الاعتبار عوامل الرفاه ورغد العيش النسبي التي يتمتع بها الكويتيون وبفارق كبير عن المقيمين بصورة غير مشروعة.
في تقديري أن ما لاحظه الكاتب لا صلة له بالبدون ولا بالفوارق الاجتماعية والطبقية وإنما هي حالة خاصة بالكويتيين تعود لتحمل عوامهم ـ غير المختصين ـ عبء العلم بما لا ينبغي لهم العلم به!
غالبية الشعوب وعلى وجه الخصوص المتحضرة منها تجهل أمور السياسة والاقتصاد قي بلادها وتثق بإدارة حكوماتها لها فلا تهتم بها، وتتفرغ للإنجاز الشخصي الذي ينعكس بدوره على انجاز الدولة ايجابا فيسود المجتمع شعور بالارتياح نتيجة للإنجاز وما يتبعه من رخاء، إلا أن الوضع مختلف في الكويت بسبب اجتماع مجموعة من العوامل منها مساحة الحرية النسبية التي يتمتع بها الكويتيون ووفرة المعلومات المتاحة للجميع مع تدني الثقة في قدرة الحكومات المتعاقبة على إدارة البلاد، جعلت العامة ينشغلون - دون دراية ولا خبرة - بالتفكير المستمر بالاسلوب الامثل لادارة الدولة ولعدم درايتهم بالاسس العلمية لاستنباط الحلول ينشأ فيهم القلق ومعه يأتي الخوف الذي يصاحبه ما نلحظه من احباط لدى عوام الكويتيين.
يبدوا ان هذا الاحباط قد اصبح اكثر تهديدا وشدة فقد بدأت تظهر على المواطن والمجتمع أعراض فقدان الأمل في إمكانية الإصلاح وسيتحول فقدان الأمل سريعا إلى اكتئاب مرضي يصاحبه فقدان الاهتمام بحاضر ومستقبل الوطن والأفراد والعزوف عن المشاركة في التصدي للمتغيرات السلبية والتقصير في الإدارة الحكومية، وبفقدان الأفراد للطموح يصبحون ميالين للعزلة والسلبية، وقد بدأ ظهور بعض هذه الأعراض على الطبقة الوسطى وتحديدا على المثقفين والمشتغلين بالعمل الوطني فقد أخذوا بالانسحاب من مساهماتهم الوطنية ودورهم في نشر الوعي وتثقيف الأمة، وادت التراجعات غير المتوقعة في شتى مناحي الحياة إلى ردات فعل حادة وغير مدروسة للعامة تنتهي عادة في وقت قصير لا يكفي للضغط على الحكومة ودفعها للاستجابة لأية مطالب بالتصحيح.
الحكومة بدورها ادركت الحالة الكويتية فحصرت استجاباتها وتعاملها مع موجات الغضب الشعبي على الصمت واستيعابها في ساعات تنتهي خلالها واحدة لتنشأ اخرى وهكذا دون أثر حقيقي لأي منها، فان أرادت هي إدارة اللعبة والسيطرة على الشارع قدمت «جزرة ترضية» للغاضبين أشغلتهم بها وكسبت تأييدهم الى حين.
[email protected]