أيام قليلة وتحل ذكرى اقتحام المجلس في 16 نوفمبر 2011 والتي كان من نتائجها صدور أحكام بالسجن على نائبين في المجلس الحالي، صوت المجلس على استمرار عضويتهما قبل أيام قلائل رغم الحكم عليهما بأحكام قطعية ونهائية اعتبرت اقتحام المجلس جريمة جنائية تؤدي إلى حرمان المدان بها من الحق في الانتخاب وفي عضوية المجلس وتسقطها مباشرة عنه وفقا للمواد 82 من الدستور والثانية من قانون الانتخاب، إلا أن المجلس صوت لصالح الإبقاء على عضويتهما مسجلا مخالفة صريحة لمواد الدستور لا يشفع لها ولا يبررها استناده إلى المادة 16 من لائحته الداخلية التي فسرها بأنها تعطيه الحق في الإبقاء على العضوية أو إسقاطها! على الرغم من أنها ليست بالحجة على مواد الدستور لكون مواد اللائحة الداخلية إنما سنت لشرح وتيسير تطبيق مواد الدستور وهي دونها قوة تشريعية وحجة قانونية، وحقيقة الأمر أن الأعضاء الذين صوتوا لصالح بقاء العضوين المفصولين إنما فضلوا الولاء للأشخاص سعيا وراء مكاسب حزبية وانتخابية على الانتصار للدستور.
لم تكن هذه المخالفة الجسيمة للدستور المؤشر الأول على تراجع مجلس الفصل التشريعي 15 عن مبادئ الديموقراطية والقسم الذي أداه أعضاؤه، فقد عمد كثير منهم إلى عقد اتفاقية مع السلطة التنفيذية لم تشهد التجربة الكويتية مثيلا لها تنازلوا بموجبها عن دورهم الرقابي وتعهدوا بتعطيله مقابل أن تعيد الحكومة جنسيات بعض الأشخاص المؤثرين في قواعدهم الانتخابية، وكانت قد سحبت منهم اثر مخالفتهم شروط استحقاق الجنسية الكويتية، وقد رحبت الحكومة بهذا العرض السخي لتنفرد بالقرار والإرادة السياسية وهي في مأمن من المساءلة والرقابة.
تجمدت خلال هاتين السنتين المكافحة الجادة للفساد كمعاقبة رؤوسه وتحجيم الفساد الإداري المتمثل بوقف التعيينات البراشوتية، وأهملت الحكومة المشاريع التنموية الكبرى التي تفضي إلى تحريك الاقتصاد وخلق فرص للعمل مثل بناء وتأهيل منظومة الطرق وبناء شبكة قطارات الأنفاق والسكك الحديدية وتأهيل وسائل الصرف الصحي والبنية التحتية الصلبة والمرنة وعلق البنك الدولي سلبا في تقريره الأخير على تراجع التنمية في الكويت وإهمال الدولة لها، وتعطلت التنمية البشرية بل وستتراجع اثر الكشف عن تلاعب البعض في حيازة الشهادات العلمية العليا، هذا ولم يرتفع مستوى الكويت على أي من مؤشرات الكفاءة الدولية بل أظهرت تراجعا مقلقا على معظمها، فقد زاد الفساد انتشارا وانحدر تصنيف الدولة المتراجع إلى المرتبة 85 وبرصيد 39 نقطة، وهوى مستوى جودة التعليم الأساسي إلى المرتبة 104 والجامعي والتدريب إلى المركز 95 عالميا، وتجمدت جودة الخدمات الصحية عند المرتبة 31 مظهرة تحسنا طفيفا مؤخرا، ولم تبادر الدولة إلى خلق رديف للدخل القومي المكون في 90% منه من بيع النفط الخام كالدخول في عصر التصنيع واقتصاد البحث العلمي.
[email protected]