قرابة الساعة 2.30 عصرا جاءني اتصال هاتفي، كان المتصل أحد قراء «الزاوية» التي أكتبها وتنشرها صحيفة «الأنباء» واسعة الانتشار، قال لي بصوت متقطع متهدج مليء بمزيج من الغضب والتردد، أرجوك تحمّلني، هذا دورك ولابد أن تتحمّلني، إلى متى سيستمر الوضع على ما هو عليه؟ 45 سنة مضت من العمر وأنا في هذا البؤس، كويتي وأعمل إداريا في أحد المستشفيات منذ 25 سنة، راتبي لا يتجاوز الألف دينار وأقسم لك «وكررها عدة مرات» لا يبقى منه شيء بعد الأسبوع الأول من الشهر، والدي متوفى وأصرف على البيت وفيه والدتي وإخوتي الثلاثة الصغار واثنتان تكبراني لم تتزوجا ولا تعملان، قل لي ما الذي يمكنني عمله لأتمتع ببعض أبسط متع الحياة أما الزواج «فغسلت ايدي»، دكتور، لولا راتب أبوي التقاعدي لهلكنا جوعا وإلا «طرينا» - شحذنا - بالشوارع! قل لي إلى متى هذه الحالة وشسوي، أنا ما أقدر أهاجر؟
تذكرت تقرير ستاندرد آند بورز الوكالة الاستشارية العالمية الموثوقة الأخير عن حالة الاقتصاد الكويتي حاليا وفي المستقبل المنظور وتوقعها بألا يزيد دخل الفرد عما هو عليه الآن بل وسيكون الأقل خليجيا!
فأجبته بأنني للأسف لا بشارة عندي لأطمئنه بها ما لم تتغير النظرة والتوجه في إدارة اقتصاد البلاد، ففي تقريرها الذي نشرته الصحف المحلية قبل أيام أكدت الوكالة المرموقة أن اقتراض الدولة سيبلغ 50% من الدخل عام 2021 وأن الكويت ستظل عاجزة عن الإصلاح الاقتصادي في المستقبل المنظور نظرا للرفض الشعبي الذي ستواجه به الحكومة، فهي مطالبة أولا بالقضاء على الفساد والهدر المالي في مرافقها والاهتمام بالتنمية البشرية والارتفاع بمستوى الخدمات لتبرر خفضها للدعوم المقدمة للمواطن، ناهيك عن وضع الرسوم على الخدمات المتردية أو فرض ضرائب عليها، ويمضي التقرير مؤكدا أن اعتماد الدولة على الاقتصاد الأحادي المصدر المعتمد على بيع النفط الذي لا يمكن للكويت التحكم بأسعاره ولا التنبؤ بها، وعزوفها عن تنويع الاقتصاد بالتصنيع النفطي بداية وتبني اقتصاد الابتكار، كما فعلت سنغافورة وتفعل الآن الإمارات هي مؤشرات سلبية للمستقبل!
تابعت قائلا للمتصل الذي ظل صامتا مصدوما بالحقيقة القاسية، يبقى يا عزيزي أن هنالك نورا يسطع من بعيد ويقترب بثبات منا جالبا معه الأمل بتغيير جذري للأفضل ومستقبل باهر وأمن واستقرار للبلاد، صممه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، ويحمل أعباء تنفيذه النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ صباح الأحمد، وهو مساهمة الكويت في طريق الحرير وإشراك الصين الشعبية في تطوير الجزر وشمال البلاد وإدارة ميناء مبارك الشمالي، في هذا المستقبل للكويت والحل لأزمتك يا صديقي.
[email protected]