بعد مضي قرابة خمسة أشهر على انطلاق حملة إسقاط الديون الاستهلاكية لايزال أصحابها ينتظرون ردا إيجابيا من الدولة على مطالبهم، الحكومة التي تجاهلت الحملة منذ انطلاقها واكتفت بتصريح وحيد أعلنت فيه رفضها إسقاط القروض قبل بضعة أشهر وبتصريحات موالين لها من رجال الأعمال الذين أعلنوا صراحة رفضهم للمطالبة على اعتبار أنها توقع ظلما بالآخرين، وبفتاوى أطلقها بعض رجال الدين من ممثلي أحد تيارات الإسلام السياسي النافذة والذين أفتوا بحرمة إسقاط القروض دون أن يقدموا أدلة شرعية مؤكدة تؤيد فتواهم خاصة أنها تتناقض مع موقف بعض قيادييهم الذين كانوا في طليعة المستفيدين من إلغاء كامل مديونية المضاربات بالأوراق المالية بسوق المناخ عام 1992 والتي أسميت آنذاك بالمديونيات الصعبة!
وضعت الحملة نفسها في موقف المواجهة مع الحكومة عندما أعلنت أن مطالباتها موجهة لصاحب السمو الأمير استدرارا لعطف سموه على المتضررين، وقد فاتهم أن الإملاءات الدستورية والتي يحرص سموه على تعزيزها وتحديدا المادة 55 من الدستور والتي تقرر أن الأمير يمارس صلاحيته من خلال وزرائه تعترض توجههم، ثم تجمهروا في احتجاجات جماعية في ساحة الإرادة، وفاتهم أن المجتمع والرأي العام الكويتي وقد سبق أن عانى الكثير من تبعات ما سمي بحراك معارضة الأغلبية لم يعد يقبل بسلوكيات مشابهة لما قامت به المعارضة الآفلة كالتجمع في ساحة الإرادة ما أدى لخسارتهم لقطاع كبير ومؤثر من المجتمع وسهل على الحكومة تجاهل مطالبهم، كما انهم لم يوفقوا في رفضهم لتدخل مجلس الأمة وإعلانهم عدم الثقة به فقد حرمهم موقفهم المتشدد هذا من تمثيل الجهة الشرعية الوحيدة لقضيتهم وعرضها على الحكومة.
لم يكن الإصرار على المطالبة بإسقاط كامل الدين في مصلحتهم خاصة بعد أن اتضحت حدة المعارضة الرسمية والشعبية وحتى الدينية له، وكان الأصوب تغيير المطالبة لتكون معالجة المديونيات بدلا من إسقاطها، ولايزال بالإمكان إصلاح ما فات بتشكيل وفود للقاء كل من رؤساء الصحف والإعلاميين لإعلان تعديل المطالبة الى معالجة المديونية بدلا من إسقاطها وذلك بجدولة الديون ومنح فترة سماح للراغبين بها بحد أقصى 12 شهرا وإرسال وفود بالمطالب المعدلة للقاء سمو رئيس الحكومة ووزرائه المختصين ولرئيس البرلمان وأعضاء اللجنة المعنية فيه ومجموعة النواب المؤثرين والمتعاطفين معهم املا في خلق انطباع يوحي بواقعية المطالب ويعبر عن معاناة أصحابها. [email protected]