يمر المجتمع الكويتي بحالة من الاضطراب والقلق لم يمر بها من قبل، فجميع المقيمين على أرض الوطن طامعون فيه ويتكالبون على هويته، المقيمون بصورة غير قانونية (البدون مجازا هنا) يطالبون بالجنسية الكويتية ويلقون باللوم على لجان التجنيس التي نظمت استحقاق الجنسية مطلع الستينيات بأنها السبب في حرمانهم منها، والحقيقة انهم لم يكن لهم وجود يذكر في الكويت آنذاك، دفعهم لهذه الادعاءات تقديم احد النواب لاقتراح بقانون يجيز إضفاء حالة البدون على كل من يدعي الانتماء إليها دون تدقيق فيتمتع بما تمنحه الكويت للبدون من تعليم وتطبيب مجانيين وحق للتوظف في القطاعين العام والخاص، ويزيد فيسمح للفروع بالانضمام إليه والتمتع بذات المزايا دون اعتبار لمكان ميلادهم أو معيشتهم! اجتمع هذا مع توقيت الرغبة الشعبية بالكشف عن مزوري الجنسية والذين يبلغ عددهم في أكثر التقديرات تحفظا 280 ألفا، بينما أعلن رئيس مجلس الأمة عما يصل إلى 400 ألف مستفيد من التزوير، أدى انصراف النواب عن المطلب الشعبي كأنه لا يعنيهم إلى فشل اقتراح بتشكيل لجنة برلمانية لدراسة حالات التزوير في الهوية الوطنية فلم يحظ إلا بثمانية أصوات عند تقديمه ثم ارتفع العدد إلى 12 صوتا!
قبل هذين الحدثين الجللين بنحو 4 شهور تسيدت معاناة اكثر من 420 ألف مواطن من تبعات ديونهم الاستهلاكية المشهد السياسي فقد شغل المدينون في محاولات متصلة للدفع بالحكومة لوضع حل لمشكلتهم، قابلتها الحكومة بالامتناع عن الرد عليهم دون إبداء أية أسباب، وتخلى البرلمان عن دوره في تبني مطالبهم وحتى مناقشتهم فيها للوصول إلى حلول تقبلها كل الأطراف المعنية.
مفارقة غير معهودة في التجربة الديموقراطية الكويتية أن تكون الحكومة الطرف الأكثر حرصا على تلبية المطالب الشعبية الوطنية بينما يتهرب البرلمان من واجب التعهد بها، فمن كانوا يتظاهرون محتجين على انتهازية الحكومة ها هم اليوم يطالبونها بغض الطرف عن تزوير الهوية الوطنية إرضاء لقواعدهم الانتخابية في انتهازية اكثر تدميرا وخطرا.
أمام مقترحي اللجنة جهد كبير لدعم مقترحهم يتطلب عقد التحالفات وكسب تأييد اكبر عدد من النواب وان استدعى الأمر تقديم تنازلات في أمور أخرى مقابل دعم اهم قضية وطنية وعليهم جهد مماثل أيضا في كسب تأييد نيابي وشعبي كاف يضمن للحكومة تنفيذ الاتفاقية مع الصين بكامل التزاماتها فالفشل في هذا سيدفع بالحكومة لغض النظر عن تزوير الجنسية ومقترح القانون المشؤوم مقابل تمرير اتفاقيتها الغاية في الأهمية، يبقى أن على كل القوى الوطنية المخلصة الضغط على نوابها للحفاظ على الهوية الوطنية من الخطر الذي تتعرض له وتوعية الرأي العام به وبأهمية دعم الاتفاقية الصينية.
[email protected]