عادت للظهور على الساحة السياسية والاجتماعية في الكويت حالة تتكرر بين الفينة والأخرى من الصراع بين شقين من المجتمع هما الأكبر فيه، الأول هو تجمع الكويتيين من أصول قبلية وهم غير منظمين سياسيا تدعمهم جماعات الإسلام السياسي العالية التنظيم واتفق معهم مرحليا نواب الطائفة الشيعية، بدأ تكوين تجمعهم نتيجة لتكرار تراجع الحكومة عن تجنيس المستحقين من فئة البدون مما عرض النواب القبليين لضغوط من قبائلهم وقواعدهم الانتخابية التي ترتبط من خلال الانتماء للقبيلة بصلات وشيجة مع فئتي البدون والمقيمين بصورة غير قانونية ولذا وحرصا على مواقعهم في البرلمان فقد رضخ نحو 29 نائبا لتلك الضغوط وعمدوا إلى مسايرة تعديل قانون الجنسية، حتى أن أحدهم تقدم بمشروع لتعديل القانون بغرض تجنيس فئتي البدون والمقيمين بصورة غير قانونية، الفئتين المتداخلتين واللتين تقدمان نفسيهما كفئة واحدة على خلاف الحقيقة والواقع وبينهما مجموعة من بدو الشمال الذين يكثر بينهم المنتمون للمذهب الشيعي.
في المقابل رفض أبناء الشريحة العليا من الطبقة الوسطى والطبقة العليا ويمثلون القاعدة الشعبية العريضة والمؤثرة، فشكلتا مجموعة الثمانين لتمثل الكويتيين المؤسسين للبلاد بمختلف أصولهم العرقية وانتماءاتهم المذهبية ومنهم قادة للعمل الوطني وأكاديميون ومثقفون وكتاب وصناع للرأي وبعض كبار المسؤولين في الدولة والقطاع الخاص وبعض من ملاكه، رفضوا ما أسموه بالعبث بقانون الجنسية الكويتية وتمسكوا بالحفاظ على النسيج الأصيل للمجتمع الكويتي وبقناعتهم أن تجنيس الفئتين المعنيتين ويبلغ تعدادهما 120 ألف شخص سيشكل تغييرا كبيرا في طبيعته التي تعايش على أساسها الكويتيون على مدى 350 عاما، كما أن المجنسين الجدد سيشكلون عبئا ماليا مضافا على الدولة وسينافسون أبنائها على الوظائف والخدمات، ولكون غالبيتهم من محدودي التعليم والأميين فإنهم سيعودون بالبلاد لمراحل من التراجع قد تجاوزتها منذ زمن طويل، وللإنصاف فإن حدوث هذه المواجهة حتمي مع الاتساع السريع لمجتمع لم يتعود على ارتباط الأفضلية بالإنتاج فتلجأ فئاته وطبقاته للتنافس والنزاع للسيطرة على مواضع القوة والتأثير.
مع تصاعد حدة الخلاف اتهم خصوم مجموعة الثمانين أفرادها بالعنصرية والفوقية، وأخذ عليهم في المقابل رفعهم لأعلام تمثل القبيلة بدلا من علم الدولة في مناسباتهم الاجتماعية وبأنهم يسمون أكثر شخصيات القبيلة وجاهة بالأمير وأسرته بالشيوخ! لقد صار مؤكدا ضرورة التوسع في الديموقراطية الكويتية وفقا للدستور بالسماح بإنشاء الأحزاب السياسية فهي القادرة على احتواء الصراع الاجتماعي الطبقي وتحويله من قضية مجتمعية حساسة إلى منافسة سياسية أكثر هدوءا وعقلانية وانضباطا وعلنية.
[email protected]