كان الشيخ عبدالله السالم أول أمير يحكم الكويت الدولة المستقلة حديثا عن التاج البريطاني في ظل الدستور والديموقراطية والحريات التي كان له الفضل في إرسائها، عارض بعض أبناء أسرة الحكم الدستور ولذا وتحسبا لأي مواجهة مع النظام الديموقراطي الجديد والمجهول بالنسبة لهم لجأ بعضهم إلى التجنيس السياسي لأبناء القبائل للاستقواء بهم، ووجدت الحكومة في هذا الأسلوب وسيلة لتوجيه مسار الانتخابات البرلمانية لصالحها فأخذت به بسرية مقربة إليها أبناء القبائل ممن جنستهم واتخذت منهم حليفا يواليها ولاء مطلقا مقابل مطالب محدودة في العمل والمسكن، إلا أن انتشار التعليم بين حلفائها جعلهم ينفصلون تدريجيا عنها ووصل بعضهم إلى كرسي البرلمان وظهرت لهم مطالب يكفل تحقيقها استمرار عضويتهم كان اكثرها خطورة هو اقتراح بقانون تقدم به احدهم وينتهي بتجنيس 120 ألفا من المقيمين بصورة غير قانونية بعد ضمهم لفئة «البدون»، وأثار المقترح لغطا وغضبا شعبيا واسعين استمرا حتى كتابة هذه السطور.
مع انفصال القبيلة عنها أخذت الحكومة بالتقرب من تيارات الإسلام السياسي التي سارعت بدورها لموالاتها طمعا في مزايا القرب منها ولمواجهة التيار الوطني الليبرالي المعارض المتنامي والذي اعتبرته عدوها الأول ومنافسها في السيطرة على شباب الأمة، منحتهم الحكومة الأفضلية المطلقة ولوت وعطلت القوانين من اجلهم وسلمتهم إدارة مشاريع ذات بعد اجتماعي سمح لهم باختراق المجتمع وكسب الأنصار منه، وسمحت لهم بإنشاء الجمعيات الخيرية التي صارت فيما بعد معينهم الذي لا ينضب من الأعضاء الجدد والوفرة المالية، وانفصلوا عنها في أوائل السبعينيات واتخذوا موقف المعارضة المتشددة.
لجأت الحكومة هذه المرة للطائفة الشيعية وكسبت ولاءها بأسلوبها المعتاد إلا أن العلاقة لم تستمر طويلا فلم يكن لدى الطائفة الكثير لتقدمه مقابل سخاء الحكومة اكثر من ان تكون هذه المرة هي «خيال المآتة» الذي تضبط به الحكومة جماعات الإسلام السياسي.
في أعقاب التحرير كانت طبقة التجار وقد رحل جيل الآباء والأجداد عنها وطرأ عليها مجموعة كبيرة من محدثي الثراء الذين صنعتهم الحكومة، وبدأ البعض من الجيل الجديد ممن درسوا في الغرب بالتحول عن نهج آبائهم الوطني إلى المصالح الذاتية دفع هذا التغيير بالحكومة إلى الإسراع باحتضان «التجار الجدد» وبدأت بهم ومن اجلهم مرحلة الخطايا الكبرى كالتهاون في التصدي للفساد الذي بدأ يدب في أركان الدولة عندما سمحت لهم ببسط سيطرتهم على مشاريعها وتجاوزت عن تردي مستوى تنفيذهم لها رغم أرقام التكلفة الفلكية والتي أجازتها هي تقريبا لهم، وسمحت بقلب التركيبة السكانية لصالح تجار العقار وتجار المواد الاستهلاكية وأهملت في ضبط الأسعار! تمدد التحالف الجديد ليسيطر على وظائف الدولة العليا، وحرص على تفكيك الطبقة الوسطى وتقليصها فبدأ الحليفان بالتسويق لمقترحات تقليص الدعوم وفرض الضرائب بأسلوب الهرم المقلوب المخالف للدستور في مادته 24 مما نتج عنه مواجهة بين شرائح الطبقة الوسطى والدنيا وان كانت لاتزال رهن سيطرة الدولة.
[email protected]