أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع عن بدء حملة اعتقالات وترحيل واسعة للمقيمين غير الشرعيين في بلاده، يذكر أن تعدادهم لا يزيد على 3.3% من تعداد سكان أميركا البالغ 330 مليون مواطن يعيشون على مساحة شاسعة تبلغ نحو 9.5 ملايين كلم2، ومعلوم أن الاقتصاد الأميركي هو الأقوى في العالم بتريليوناته العشرين، وان أميركا تتمتع بحظ وافر من كل أنواع الثروات الطبيعية ومنها البترول الذي تتصدر العالم في إنتاجه وتصديره، وهي تملك اكثر اقتصادات العالم تنوعا بين الصناعة والزراعة والتفوق العلمي، ووفقا لتيلرسون Tellerson وزير الخارجية الأميركي الأسبق في لقاء له مع الـ CNN فإن أصول واستثمارات شركة جنرال اليكتريك تزيد على 26 تريليون دولار، وتبلغ مساهمة بوينغ في الاقتصاد الأميركي 6 تريليونات دولار، بينما بلغت عوائد مبيعات آبل Apple من هواتف iPhone في 2018 تريليون دولار، ووفقا لنفس المصدر فإن ميزانية كهرباء ولاية كاليفورنيا وحدها تعادل 32 ضعف ميزانيات دول الخليج الست مجتمعة، ومن نافلة القول الذكر بأن الولايات المتحدة تتمتع باكتفاء ذاتي كامل في كل المجالات.
في التوقيت نفسه تتعرض الكويت وقت كتابة هذه السطور لأعمال شغب واسعة يقوم بها عناصر من فئة المقيمين بصورة غير قانونية والبعض من البدون ويبلغ تعداد الفئتين نحو 4.6% من تعداد الكويتيين البالغ 1.4 مليون نسمة، ويذكر ان تعليم 87% منهم دون المتوسط، فيما تبلغ مساحة الكويت نحو الـ 17.880 ألف كلم2، ويعتمد اقتصادها على النفط في 89% منه ولا تمتلك أي ثروات سواه وليست لها مصادر بديلة للدخل كالتصنيع أو الزراعة.
يقول رئيس الجهاز المركزي لتقييم أوضاع البدون ما مفاده ان أعداد البدون والمقيمين غير الشرعيين قفزت من 49 ألفا حتى بلغت 210 آلاف قبل الغزو عام 1990 ثم انخفضت فجأة بعد التحرير الى 90 ألفا عام 1991 ونمت الى نحو 130 ألفا عام 2017، هذا التباين يدل على أن هذه الزيادات غير طبيعية وانها مرتبطة بعوامل سياسية تستقرؤها هذه الفئة فتزيد من اعدادها للضغط على الدولة التي تقدم لهم ضمانات العيش الكريم من تعليم وتطبيب وعمل وخدمات اجتماعية أخرى.
عند مقارنة أوضاع المقيمين غير القانونيين في البلاد بأوضاع أي من مواطني الدول العربية المجاورة غير الخليجية، نجد انهم يتمتعون برفاه نسبي افضل بكثير من مواطني تلك الدول، ولعل هذا هو اهم أسباب تمسكهم بالعيش على هذه الأرض الطيبة وادعاء الانتماء اليها، فالكشف عن جنسياتهم الأصلية يحمل شقاء دائما لهم دون بارقة أمل في التحسن، لقد عجزت أميركا عن إيجاد حل للاجئين غير الشرعيين على أراضيها فبادرت الى ترحيلهم حفاظا على الدولة الأميركية، ونحن أحوج من أميركا لهذا النهج.
[email protected]