صباح أمس كان قاسيا علي في طلته، كاشفا عما يعترض بلادي من العثرات، فبينما كنت ممعنا التفكير في مقولة لعبدالوهاب المسيري جاء فيها ما معناه أنه «لا قيمة لوطن يدار لخدمة مصالح النخبة فقط»، وعن ماذا لو أن مقولته انطبقت يوما على الكويت فهل سأندفع الى ما ذهب اليه المسيري؟ أم إنني سأستحضر أفضالها وأتعامل مع الموقف على انه مرحلة مؤقتة لن تطول وينبغي التصدي لها بعقلانية والسعي لتغييرها بحكمة؟ كنت ولا زلت حتى الآن في حيرة من الأمر.
وبينما أنا في شك وقلق اذا بعينيّ تقعان على خبر تصدر احدى الصحف يقول ان الكويت في العام الماضي استقبلت ما يزيد على 8 آلاف وافد شهريا من دولة عربية بعينها، معظمهم تعليمهم متوسط او دون المتوسط والغالبية بموجب عقود عمالة شخصية، أي تلك التي يبرمها تجار الإقامات مع الوافد الطامح للعمل في البلاد ويتقاضى مقابلها الكفيل مبالغ باهظة دون تقديم فرصة عمل حقيقية للوافد!
ولوهلة تراءى لي أن هناك ارتباطا بين ما قاله المسيري والزيادة في اعداد الوافدين التي سيستفيد منها البعض بينما ستكون عبئا- على الدولة وعلى المواطن- يؤثر سلبا على استفادته من خدمات الدولة وعلى وجه الخصوص الخدمات الصحية، فضلا عما سيتعرض له من منافسة على فرص العمل، وبالإضافة الى الخطورة التي تمثلها الزيادة في اعداد العمالة السائبة على الأمن وتفشي مظاهر الفقر ونتائجه الحتمية واهمها المزيد من انتشار الفساد المرتبط به ارتباطا وثيقا، وبينما انا على ذلك الحال اذا بي اقرأ تصريحا لوزير النفط يقول فيه ان الكويت ملتزمة بخفض ما نسبته %160 من نصيبها المخفض من الاوپيك!
ولا ادري ما الذي يعنيه الالتزام بهذه النسبة الغريبة سوى ان الكويت متبرعة بخفض إنتاجها بزيادة %60 على المقرر عليها!
شغلت بهذه النسبة المجحفة في الوقت الذي تتهرب فيه سائر دول أوپيك من الالتزام بنصيبها في خفض الإنتاج خاصة انه لم يحقق الغرض منه في الحفاظ على الأسعار وفي توقيت تُقْدم فيه حتى ايران الخاضعة للحظر على بيع نفطها مهربا! وينتج العراق بأقصى طاقته وتلتزم المملكة العربية السعودية بزيادة إنتاجها لتعويض النفط الايراني، وتبقى الكويت وحدها بنسبة خفض لإنتاجها تبلغ %160!
المشكلة الرئيسة تكمن في الانخفاض المتوقع في الطلب على النفط خلال السنوات العشر القادمة بما يزيد على 44% من البرميل هي حجم وقود السيارات الذي سيستبدل بالطاقة الكهربائية في السيارات الهايبرد والهجين وحتما سيتبعه الاستغناء عن الديزل الذي يمثل %21 من البرميل أي أن إجمالي الانخفاض سيصل الى %65 من قيمته، وبالتبعية سينخفض سعر وقود الطائرات ويمثل %9 من البرميل، ومع زيادة إنتاج أميركا منه وزيادة إنتاجها من النفط الحجري، وشيوع استخدام الطاقة البديلة في كل المجالات سينهار سعر برميل النفط ليكون في المستقبل القريب ليس ببعيد عن سعر الكمية المماثلة له من المياه، فلمصلحة من نحفظه في باطن الأرض الى ذلك الحين؟!
[email protected]