أزمة الاقتصاد والمال العالمية القادمة والتي يجمع الاقتصاديون على حتميتها، ويـــختلفون حول توقيتها ومنشــئها وأسباب او دلائل وقوعها، فيــــعزوها البعض إلى ارتفاع الدين الـــعالمي حيث بلغ إجمالية 250 تـــريليون دولار مقابل ناتج قـــومي لدول العالم مجتمعة لا يتجاوز الـ 75 تريليون دولار، ويصاحب الدين ويعزز منه انخفاض مغر لسعر الفائدة على الاقـــتراض لا يتجاوز 2.5%، ومن الأدلة الرائجة الأخرى التي ترجح وقوع الازمة ما يشهده العالم من بـــوادر منــذرة وممهدة لها مثل البـــريكست وانهيار اقتصاد اليونان وتراجع اقتصادات كل مــن إيطاليا وإسبانيا والبرتغال والبرازيل والارجنتين، ويرى كل من العالمين الشهيرين البريطاني كينز والمصري دويدار أن الأزمة تعود الى طبيعة النظام الرأسمالي الذي يسمح بالاحتكار وتكدس الثروات بيد القلة وبالتالي فقدان الأغلبية لمصدر دخلها ومن ثم قدرتها الشرائية، مما يؤدي الى انكماش الاقتصاد، الا ان النظام لديه خاصية ذاتية لتصحيح عثراته كلما اقترب من نقطة الحضيض التي يتدنى اليها كل 8 ـ 10 سنوات، وها قد مضت 11سنة على ازمة الرهن العقاري في 2008 وآن أوان التصحيح المتوقع، وقد تكون الحرب التجارية بين الصين وأميركا هي المسبب الرئيس للأزمة القادمة ـ في رأي مختصين آخرين ـ اذ تمثل انعكاسا للتغير السياسي المرتقب وفيه ستهيمن كل من الصين واليابان على العالم سياسيا واقتصاديا منحّين بأميركا المرهقة بديونها وانتاجها المتباطئ نسبيا، وايا كانت الاسباب فإن الجميع مجمع على ان الأزمة القادمة واحدة من اخطر الأزمات التي يمر بها اقتصاد العالم وبأنها ستفوق في ضراوتها واتساعها أزمة الرهن العقاري الأميركية.
خليجيا فإن خمول الإنتاج العالمي سيؤدي الى انخفاض الطلب على النفط وبالتالي هبوط أسعاره، ويلاحظ ان اقتصاد كل من المملكة العربية السعودية (العشرين عالميا في متانته) والامارات (الـ 26 عالميا) سيكون تأثرهما اقل من الكويت (الـ 51 على العالم) لتوافر مصادر اخرى للدخل لدى الدولتين بديلة لمبيعات النفط كالصناعات النفطية (البتروكيميائيات) والتي تؤكد الدراسات انه يمكن ان تضاعف قيمة برميل النفط عشرات المرات كلما زادت دقـــة وتعقيدا، بالاضافة للسياحة (الدينية والتقــليدية) في البلدين.
قطر (الـ 49 على العالم) سيكون لها ايضا مخرج نسبي من الأزمة فهي تبيع الغاز الطبيعي وغير المرجح هبوط اسعاره بحدة، تبقى الكويت والتي تعاني من عجز في ميزانيتها ولم تعد بدائل او ردائف لبيع النفط ولا توسعت في صناعاته، واستثماراتها الخارجية او صندوقها السيادي يتعرض لخسائر وتراجعات من الصعب التكهن بحجمها لغياب الشــفافية عن ادائه، وان كان قد طاله الفســـاد والاستنزاف كما جاء في تحقيق مطول لـ «النيويورك تايمز».
لقد آن الأوان لتضع الكويت استراتيجية من خمسة محاور رئيسة تبدأ بالمحاربة الفعالة للفساد مرورا بتطوير التعليم فزيادة الاستثمار في الصناعات النفطية والاهتمام بالبحث العلمي سعيا وراء ادوات رديفة للدخل (الاقتصاد الصناعي والمعرفي) ودعما لاستقرار البلاد وامنها وتبقى الاتفاقية الصينية احد محاور تجاوز الأزمة الفاعلة والسريعة الأثر.
[email protected]