من المؤكد أن الحكومة تدرك تماما أهمية تنويع مصادر الدخل، كما أنها على دراية بأفضل أنواع هذه الوسائل واكثرها ملاءمة لإمكانات البلاد وقدراتها سواء من حيث توفر العناصر المدربة أو القابلة للتدريب مرورا بتكاليف الإنشاء والتشغيل وانتهاء بالمردود المادي والسياسي والاجتماعي من زيادة في دخل البلاد وتعزيز لأمنها وضمانة لاستقرارها، بالإضافة إلى ما توفره من فرص للعمل.
كما أن الدولة على علم بإمكانات وقدرات الوطن على التصنيع والمعوقات المؤقتة والدائمة أمامه كالنقص في الأيدي العاملة وقلة خبرة المتوافر منها ومحدودية إمكانات الجيل الحالي في تلبية متطلبات التصنيع كجودة المنتج وقدرته على المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية وإمكانية توفير عناصر مؤهلة علميا ومدربة فنيا خلال بضع سنوات عن طريق توجيه التعليم لخدمة القطاع الجديد، كما ان الحكومة تدرك بلا شك المنافسة الإقليمية وكيفية تجاوزها باختيار صناعة مكملة لصناعات الإقليم أو متفردة بين صناعاته.
إن البحث العلمي كما أثبتت تجربة سنغافورة لا يقل أهمية عن التصنيع أو التحول لمركز مالي خاصة انه محدود التكلفة ومردوده سريع بالقياس إلى الاثنين، إذن ما السبب في تأخير تنفيذ أي منها؟
المجتمع الكويتي كأي مجتمع تهيمن عليه وتؤثر فيه ثلاث قوى أو سلطات هي الحكومة كجهاز تنفيذي والبرلمان كسلطة رقابية وتشريعية ثم الرأي العام بما فيه المعارضة، هذه الأطراف الثلاثة الفاعلة في المجتمع كان من المفترض أن تتكامل مع بعضها بعضا إلا أنها تحولت لتكون متنازعة فيما بينها، فالحكومة تتخوف من الاتهام بالفساد أو تأخر إنجاز مشاريعها فيستغل الطرفان الآخران هذا ضدها لإثبات القصور أو العجز عليها، فتعمد إلى تأجيل التنمية لتتولاها حكومة أخرى وهكذا يتم ترحيلها مع كل فصل تشريعي وتشكيل حكومي جديد!
ولأن الطرفين الآخرين ليس مناطا بهما التنفيذ ويختصان بإصدار التوصيات والرقابة على سلامة الإجراءات الحكومية فإنهما تلجآن للتوسع في مطالبهما دون مراعاة لمعوقات التوسعة الجديدة فينتهي الأمر بعجز الحكومة عن تنفيذ العمل بالمستوى المقترح منهما، وبالتالي إلى مزيد من المواجهة بين الأطراف الثلاثة والمراوحة في نفس المكان!
وللرجوع بالحالة إلى وضع التكامل لا بد من الأخذ ببعض هذه الأسس، وفي مقدمتها السيطرة على الفساد وتبني الشفافية والاتفاق على أن النجاح ليس بدحض رأي الآخر، بل في استكماله والإضافة إليه وبهذا تحل مسألة التخوف من تجريح طرف لآخر فيتقدم كل فريق برؤياه واثقا بها ومتقبلا للتعديل والإضافة عليها ويتفق على استراتيجيات عامة للتنمية تقوم على أساسها خطط عمل وبرامج تنفيذية.
[email protected]