تمر الولايات المتحدة بواحدة من أكثر المراحل حرجا في تاريخها، فالكونغرس الأميركي ذو الأغلبية الديموقراطية تمكن من جمع الأصوات اللازمة (218) للتحقيق مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإحالة نتائج التحقيق لمجلس الشيوخ (السنت) للنظر في عزل الرئيس أو تبرئته والإبقاء عليه.
يتهم الديموقراطيون والإعلام الأميركي الرئيس ترامب بمحاولته إضعاف فرص مرشح الرئاسة القادم جو بايدن بالتعاون مع أوكرانيا وبتلقي معونة من روسيا الاتحادية خلال حملته الانتخابية أمام المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون والتي يرونها الأكثر استحقاقا وحظا بالنجاح في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2016 لولا الدعم الروسي السري لترامب، وتختلف الآراء في نوعية هذا الدعم بين الكشف للرئيس عن أسرار الحزب الديموقراطي إلى الدعم المالي الذي وصل الاتهام فيه حد تلقي الرئيس أموالا من روسيا أنقذته من خسائر مالية متكررة، وبالمقابل أخذ ترامب بمعاداة الاتحاد الأوروبي ككيان وحدوي وذراعه العسكرية الناتو بما يتفق والمصالح الروسية، وكان الرئيس الأميركي قد بادر بخصومة كل من هو خارج دائرة المعجبين بسياساته التي تميزت بالتطرف العنصري فعادى أميركا اللاتينية وأقام جدارا يعزل بلاده عن المكسيك ضد الرغبة الشعبية واعتراض الكونغرس، وعلى الأرجح فإن خلافه مع الإعلام الأميركي منذ حملته الانتخابية هو أهم العوامل التي تهدد ولايته.
خليجيا من المتوقع استغلال النظام الإيراني للحدث بدرجات تتفاوت بين الإشاعة في أوساط السذج عن قدرات الملالي الإلهية وكيف أطاحت «دعواتهم الصالحات» بالرئيس الأميركي وبين التصعيد في تهديداتها واعتداءاتها على دول الخليج بصورة غير مسبوقة، وسيتيح انهيار الحظر المفروض على إيران الفرصة لها لإعادة تسلحها وإعادة القوة لاقتصادها وستدعمها في هذا دول أوروبية متلهفة على الأموال الإيرانية، بالإضافة لحليفيها الأهم الصين وروسيا، وستعمل إيران على ترسيخ وجودها في العالم العربي ودعم مليشياتها فيه وسيتلقى الحوثيون دعما كبيرا من إيران وروسيا والصين كالذي تلقاه النظام السوري، وستستغل إيران انفلات الرقابة الأميركية والدولية على مشروعها النووي وتعجل ببرنامجها لتخصيب اليورانيوم.
يواجه العالم بما فيه دول الخليج خطر انكماش الاقتصاد العالمي والمتوقع في أي لحظة كجزء من تصحيح النظام الرأسمالي لنفسه وسيعجل عزل الرئيس الأميركي من فرص حدوث هذا الانكماش ويزيد في حدته ويطيل في استمراريته، وللخليج استثمارات كبرى في الولايات المتحدة ستتأثر سلبا بهذا التغيير.
يتعذر على الخليج إيجاد وسائل لدعم الرئيس ترامب دون استفزاز الإدارة والشعب الأميركي، لذا فمن الحكمة محاولة تحييد الدعم الأوروبي لإيران بالعرض على أوروبا تحقيق مصالحها داخل الخليج الأكثر استقرارا وضمانة من السوق الإيراني، والتعجيل بالمصادقة على الاتفاقية الصينية وتنفيذها وتعزيز العلاقة بروسيا الاتحادية وعموما فإن هذه سياسات مطلوبة من الخليج في كل الأحوال لتقليل الاعتماد على الحليف الأميركي المنتظر انتقاله للشرق الأقصى.
[email protected]