عرض محمد جواد ظريف وزير خارجية النظام الإيراني مبادرة للسلام بين إيران ودول الخليج العربية تحمل اسم سلام هرمز، تشترط بعض موادها على دول الخليج التخلي عن تحالفاتها الدفاعية الدولية وإغلاق قواعد حلفائها على أراضيها مقابل امتناع الأطراف المتعاقدة عن التدخل في الشأن الداخلي لبعضها البعض وهو ما دأبت إيران على ممارسته ضد دول الخليج ولعله أهم أسباب التوتر بين الطرفين، كما اشترطت الاتفاقية على أطرافها الامتناع عن التدخل في السياسة الخارجية لبعضها بعضا وهو ما يتفق والطبيعة التوسعية للنظام الإيراني ويتعارض ومصالح دول الخليج الاستراتيجية، إذ تجيز هذه المادة لإيران الاستمرار في هيمنتها على الدول العربية الأربع التي تسيطر على إدارتها ومقدراتها وبمواصلة دعمها للمليشيات المسلحة الموالية لها في هذه الدول دون اعتراض من دول الخليج باعتبار هذه الأعمال جزءا من سياسة إيران الخارجية التي لا تقيدها الاتفاقية، وتعني أيضا قبول دول الخليج بالتخلي عن انتمائها ودورها العربي والموافقة على تطويقها شمالا بالعراق وجنوبا باليمن وغربا بسورية ولبنان وجميعها واقعة تحت الهيمنة الإيرانية بطوق يخنق اقتصادها وحركة تجارتها الدولية التي تمثل 20% من التجارة العالمية، ويخضعها لإرادة إيران التي تسيطر أيضا على مضيق هرمز معبر تجارتها إلى العالم!
تدرك إيران أن عرضها هذا سيقابل برفض خليجي قاطع وهذه إحدى غاياتها من مبادرتها إذ سيكون الرفض الخليجي ذريعة للنظام الإيراني أمام الرأي العام المحلي للاستمرار في سياساته العدوانية ضد دول الخليج من زرعه لخلايا (طوابير خامسة) متآمرة معه ومدربة عسكريا لتسيطر على مفاصل هذه الدول لدعم أي عمليات عسكرية إيرانية مستقبلية، وإثارة الموالين له وحضهم على الانفلات السياسي في سلوك هو أقرب إلى الزج بالمنطقة في نمط من أنماط حروب الجيل الرابع كان د.عبدالله النفيسي المفكر والسياسي الكويتي الخبير بالشأن الإيراني قد وصفه بأنه «احتلال بالدبيب» والمقصود هو دبيب النمل الهادئ والفعال.
ستعمد إيران أيضا إلى استخدام الرفض الخليجي لمبادرة سلام هرمز كوسيلة إقناع يستغلها المتعاطفون معها لكسب الولاءات والاتباع داخل دول الخليج سواء من البسطاء والعوام أو من المتعصبين عقائديا، وستلجأ دوليا للترويج لادعاء العداء السني للمذهب الشيعي والظلم الذي يتعرض له اتباعه في الخليج لكسب تعاطف المجتمع الدولي.
جدير بالذكر أن إسرائيل لم تلجأ للتوسع في أي من الدول العربية رغم حالة الضعف التي تمر بها في موقف يتناقض وموقف النظام الإيراني الذي سارع إلى الهيمنة على 4 دول عربية والتوسع في إنشاء وتسليح ميليشيات موالية له فيها، ويهمنا هنا التأكيد على أن دول الخليج لم ولن تكون على خلاف مع الشعوب الإيرانية ولا المذهب الشيعي والطائفة الشيعية التي تعتبرها مكونا رئيسا من مكونات مجتمعاتها، وأن الخلاف المشار إليه هنا هو خلاف مع النظام الإيراني التوسعي.
[email protected]