هذه واقعة حقيقية كنت طرفا فيها وروى لي صاحبها خلفياتها، وطلب مني الكتابة فيها لعل أحدا يستفيد من تجربته.
تعود بداية الواقعة، حينما تساءل صاحبي ونحن نجلس معا عن حوض السباحة المغطى والذي يقع ضمن حديقة منزله المليئة بالورود والأشجار النادرة والبالغة الجمال، قائلا بصوت متهدج يملؤه الألم والحرقة، لا أظنك تصدقني دكتور إذا قلت لك إنني لم أستحم في هذا المسبح مطلقا، مشيرا بإصبعه إلى حوض السباحة الذي نجلس بقربه!
ظننت انه يمازحني محاولا جري إلى رهان حول الأسرع بيننا في قطع المسبح، إلا أن صوته المنخفض الحزين دفعني إلى احترام ألمه وسؤاله، ولكن، لماذا؟
أخذ نفسا عميقا من سيجاره الهافانا الفاخر وبدا عليه التردد لوهلة إلا أنه استجمع رباط جأشه وقال، كنت في السابعة من عمري عندما قال الطبيب الذي أخذني له والداي للكشف على صدري «أنني أعاني من بعض الحساسية وستزول بتقدمي في السن، لكنه التفت إلى والدي وقال إن ابنك يعاني من تضخم في الثديين وتأخر في نمو علامات الذكورة!».
واسترسل صاحبي في حديثه: والدي الذي كان فرحا بسلامة رئتي لم يهتم لملاحظة الطبيب وسارع ليبشر والدتي مؤكدا لها أن ملاحظة الطبيب إنما هي بسبب طفولتي وبأني سأصبح طبيعيا بمرور الزمن! وكبرت وتعافيت من الحساسية إلا أن مشكلتي الرئيسة ظلت تلازمني، ومضى بي العمر وأنا أتحاشى أن أكون بملابس قد تكشف عن حجم صدري أو النقص الذي أعاني منه وامتنعت عن ممارسة الرياضة بما فيها المدرسية - تحاشيا لملابسها - بحجة إصابتي بالربو فزاد وزني وزادت مظاهر القصور وضوحا، ومنعني الحياء من مراجعة الأطباء.
تخرجت من كلية الإدارة وحان أوان الزواج وبقدر ما كنت أتحاشاه وأخاف الفشل فيه بسبب مشكلتي فقد كنت مصرا عليه لرغبتي في أن أثبت به لنفسي وللناس رجولتي، وقد كان، وها هو اليوم ابني الأكبر يستعد لاستقبال مولوده الأول، فقد رزقت بأربعة أبناء ومضى على زواجي 35 سنة لم ترني زوجتي فيها عاري الصدر!
قاطعتنا الخادمة تستدعيه لأمر عاجل فقام مستأذنا، فلما دخل منزله أسرعت بإلقاء ملابسي وقفزت لداخل المسبح وعند عودته فوجئ بي في المياه بملابسي الداخلية فاستغرق بالضحك فاستغللت غفلته وسحبته إلى الماء معي وهو يقهقه بصوت عال من فعلتي وأخذت شيئا فشيئا أعلمه بعض حركات الطفو والسباحة، أمضينا في الماء أكثر من الساعتين وبعدها صارت عادة لنا لاتزال إلى اليوم أن ننزل للمياه في مسبحه كل يوم أربعاء، خلال هذه الفترة أجريت له بعض الفحوصات وبدأت علاجه بهرمونات تعويضية فلم تكن حالته تستدعي أكثر من ذلك، ولو كان قد راجع طبيبا في أي مرحلة من عمره لما عاش في هذه المعاناة والحسرة، صاحبنا اليوم إذا سافرنا معا يمشي على الساحل مكشوف الصدر وقد سمى أول أحفاده باسمي.
[email protected]