تواجه الحكومة الجديدة أزمة مالية عالمية قادمة يختلف خبراء الاقتصاد حول توقيتها لكنهم مجمعون على حتمية حدوثها، والذي تؤكده مجموعة من الأسباب والظواهر، أهمها بلوغ الدين العالمي 220 تريليون دولار أي أكثر من 3 أضعاف دخل دول العالم مجتمعة - البالغ 71 تريليون دولار، طبيعة النظام الرأسمالي السائد في العالم والذي يكرس احتكار الثروات بيد القلة ثم يعمد لتصحيح مساره وإعادة توزيع الثروة، والحرب التجارية بين أميركا والصين بسبب تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي مقابل تسارع النمو الصيني بشكل كبير، الأمر الذي يهدد مكانة أميركا كالقوة الأعظم والقائدة الوحيدة للعالم، هذا بالإضافة إلى مجموعة أخرى من العوامل تقود العالم بسرعة نحو أزمة مالية حادة تدفع بالشركات إلى تسريح أعداد كبيرة من العاملين بها بسبب تراجع الطلب على منتجاتها فتضطر لتخفيض أو وقف إنتاجها فتقل أو تنتفي حاجتها للوقود فينحفض الطلب العالمي على النفط، مما ينعكس سلبا على الدول المنتجة له، خاصة تلك التي تعتمد عليه كمصدر وحيد أو رئيس لدخلها ومنها الكويت.
يضاف للتحدي العالمي الذي يواجه الحكومة القادمة تحديات أخرى ورثتها عن الحكومات السابقة أهمها عجز الميزانية واعتماد اقتصاد البلاد على بيع النفط السائل كمصدر رئيس للدخل وبطء نمو صندوق البلاد السيادي مقارنة بصناديق أنشئت بعده بكثير كصندوقي النرويج والإمارات، وتتطلب مواجهة هذه التحديات السيطرة على الفساد والهدر في مؤسسات الدولة بحزم وضرب المثل على جدية الحكومة في مواجهته بتنفيذ العقوبات المقررة من الحكومات السابقة على المخالفين وبهذا تنال قبولا وثقة شعبيين تحتاجهما في بداية عملها، هذا مع تكثيف الرقابة على الأجهزة الحكومية الخدمية والضرب بقوة على يد كل من يعمل على نشر الفساد فيها، ومعالجة التأثير السلبي للخلل في التركيبة السكانية الذي يساهم بتفشي الفساد بصورة غير مسبوقة، وذلك باستبدال العمالة الوافدة بشركات متخصصة للإدارة يحقق وجودها بالإضافة للسيطرة على الفساد مجموعة من الأغراض الحيوية كزيادة الإنتاج وتحسين جودته واكتساب الموظف الكويتي لخبرات حديثة، والتأسيس لنظام عمل متطور في دوائر البلاد ومؤسساتها يجعل منها بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي.
كما أنه من الضرورة بمكان أن يصاحب إجراءات الحكومة المشار إليها عاليه إيجاد ردائف لبيع النفط المسال وفي مقدمتها تطوير الصناعات النفطية التي تضاعف من قيمة برميل النفط عشرات المرات وتحافظ على سعره ثابتا أمام تقلبات أسعار النفط غير المصنع العالمية والخارجة عن سيطرة الدولة.
هذا وعلى الحكومة أيضا الحرص والاهتمام بدعوة المستثمرين الأجانب وتقديم التسهيلات المناسبة لهم مع إعطاء أولويه اهتمامها لتفعيل الاتفاقية مع جمهورية الصين الشعبية لكونها الاستثمار الأجنبي الأكبر في تاريخ البلاد إذ تشتمل على مشاريع تنموية رائدة كبناء السكك الحديدية وتحديث البنية التحتية وإدارة وتطوير منطقة شمال البلاد والجزر الكويتية وميناء مبارك الكبير الشمالي العملاق، فضلا على عوائدها المالية الضخمة التي تتجاوز الـ 400 مليار دولار تعهدت الصين بأدائها للكويت.
ومن ضرورات المرحلة أيضا أن تعمل الحكومة على زيادة كفاءة خدمات الدولة وتيسيرها على المواطنين، خاصة في مجالي الصحة والتعليم، وأن تراقب باهتمام الزيادات المصطنعة في أسعار السلع والخدمات ومستوى جودتها في القطاع الأهلي.
[email protected]