بعد قراءات مطولة في التاريخ الإسلامي كان هنالك عنصر دائم التشبث والوجود، وهو العنصر الخائن أو العنصر الذي يتعاون مع الضد لأجل غاية وهمية تسمى السلام، نحن وبعد سنوات عديدة على هذه الأرض نعلم بأن رواية السلام والمحبة ليست إلا رواية رومانسية مستحيلة التحقق، لذلك هذا الدافع الوهمي في الولوج إلى السلام ليس إلا غبارا ينثر على سلم الرغبات والشهوات وعلى ضفة النفس الإنسانية الراغبة في التمرد على كل ما هو صحيح.
فلم يدخل هولاكو إلى الدولة العباسية ويدمرها إلا بسبب «خائن» والأمثلة في هذا السياق لا تنتهي.
بدأت أصوات يهودية تتهافت في الآونة الأخيرة بمطالبات لأراضي اليهود في الجزيرة العربية والتي كانت لهم قبل 1500 سنة وهي أراضي بني القينقاع وبني النضير وتعويضات عما حصل في خيبر ويبدو أنهم سيستنزفون هذه القضية كما فعلوا مع الهولوكوست لسنوات طويلة.
ويؤسفني حقا شعاع الترحيب العربي الذي يلوح بالأفق فهم لا يدركون العواقب السياسية والاقتصادية والعسكرية التي ستحل في حال توغل هؤلاء إلى أراضي العرب.
اسبينوزا ومن ثم شكسبير ومن ثم إليوت وثم دزرائيلي وثيودور هرتزل والكثير والكثير، لا يكاد التاريخ بعد الثورة الفرنسية وأفكار روسو ومونتسكيو وفولتير، أن يخلو من هذه الشخصيات اليهودية والتي تظهر وفق تراتبية مخطط لها تبعث بالروح اليهودية من جديد.
أنا لا أشك أبدا في أن من يطالب بالتطبيع معهم لم يقرأ التوراة المحدثة والتلمود (النصوص التفسيرية للتوراة) والتي تجسد عدوانا وكراهية لكل من هو ليس بيهودي بجانب فرضية شعب الله المختار أي ان الطبيعة اليهودية تفرض بأن كل صهيوني يهودي وكل يهودي صهيوني، وأن كل ما هو ليس بسامٍ ليس إلا معاداة للسامية.
في الختام أعلم أن وراء كل حادثة تحصل في «المجتمع» يركب الشعب الأمواج بشكل اندفاعي، مما يؤدي إلا ابتلاعهم من قبل الموج نفسه بجانب أسخف ما قدمته لنا الحضارة، وهي أن نتوقع من كل الناس أن يكونوا ملتزمين بما يسمى «المعيار الأخلاقي».
وهذا التسلسل متكرر في التاريخ العربي، ولكن أتمنى ألا يركب العرب موجة الأخوة والسلام المزيف والتي ستتحول بمجرد التوغل إلى إعصار.
[email protected]