قبل ما يقارب السنة عندما قام الرئيس الأميركي جو بايدن بتعيين رجل ديبلوماسي مثل ويليام بيرنز رئيسا للمخابرات الأميركية، أصابتني موجة من التساؤلات فيما يخص الدافع الذي أدى برجل حضر سقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفييتي وقاد بنفسه المفاوضات مع إيران وقام بإنجاحها في هذا المركز الحساس، ولكن على ما يبدو أن أميركا دائما سباقة، فهذا الرجل منذ اليوم الأول الذي باشر فيه عمله قام بالتركيز على الملف الروسي الذي يعلمه جيدا، وها نحن الآن في ظل الغزو الروسي على أوكرانيا ننظر إلى الإستراتيجية التي يبنيها بيرنز بكل هدوء بجانب الملف الأهم الذي تولاه بيرنز والذي أعتقد أنه لايزال يتولاه وهو ملف دولة ترامب العميقة، فالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قام بتعيين الكثير من رجاله في مراكز السلطة وهؤلاء الرجال بأنفسهم أصبح لديهم رجال آخرون تحت إمرتهم لكي يبقى ترامب في السلطة حتى بعد خروجه من البيت الأبيض، وهذه الحالة تشكل نوعا من التوتر السياسي الذي مازال ناجما في الأجهزة الأميركية حتى هذه اللحظة.
ومنذ اللحظة التي تولى فيها بايدن الرئاسة وهو يقوم بتعيين رجاله وأصدقائه الذين يثق بهم كي يشق الصف الذي بناه ترامب ويخترقه وهذا هو أحد أسباب الضعف الأميركي غير المسبوق الذي نشهده حاليا، فهي تتولى الملف الصيني والروسي وملف الدولة العميقة والتخبط في مراكز السلطة والذي قد يحدث قلاقل مثلما حصل قبل أحداث 11 سبتمبر، عندما قام بوش الابن بالطعن على نتائج انتخابات الرئاسة، مما أدى إلى تفكك في القيادة انتهى بضعف أمني وتحقق الهجوم.
وقال بايدن في بيان سابق: إن بيرنز يتفق معي على أن عمل الاستخبارات لا بد أن يتجرد من السياسة، وأن محترفي الاستخبارات الذين يكرسون حياتهم لخدمة أمتنا يستحقون منا التقدير والاحترام.
وهذه الجملة بالتحديد هي التي أشرت لها أعلاه بأن بايدن كان يقصد هنا ربط ترامب المخابرات بالسياسة، وهذه كانت إشارة واضحة أيضا لبدء عملية التطهير والتي مازالت حتى هذه اللحظة مستمرة.
وأود التذكير في ختام هذا المقال أن الثور الأميركي وإن بدا ضعيفا في بادئ الأمر فهو يلتهم وينهش كل شيء في النهاية.
[email protected]