علي الدقباسي
يا ترى كم مقالا كتب وكم بيانا أصدرته المؤسسات والدول العربية والجمعيات الانسانية وكم مظاهرة خرجت تندد بكارثة غزة الأخيرة؟!
في كل الأحوال هي كثيرة ولن تكون اكبر مما صدر في مذابح أخرى تعرض لها الفلسطينيون في صبرا وشاتيلا وفي مواقع اخرى وكلها ردود فعل وتنفيس عاطفي عن امة مغلوبة على أمرها لا حول لها ولا قوة، اللهم اصدار البيانات من المؤسسات والشتائم احيانا، وهذه الاخيرة ليست الا غضبا عارما سرعان ما ينسى في ظل انشغال الناس في شؤونهم بعد ان يغلقوا شاشات التلفزيون التي نقلت للعالم صورة اشلاء الشهداء المتناثرة والجرحى المتألمين ومعاناة الاطفال الذين لا ذنب لهم الا كونهم فلسطينيين.
لا احد في العالم العربي اليوم قادر على ردع اسرائيل الصهيونية ولا على تحريك مؤسسات المجتمع الدولي والدول الصديقة نحو لفت انتباه الصهاينة الى عدم انسانية ضرب المدنيين بالصواريخ والقنابل وضرب الاطفال بهذه الوحشية والتي لم يسبق لها في التاريخ ان تكررت بالشكل الاسرائيلي الذي يتكرر منذ عام 1948 وحتى الساعة مستمر تحت سمع ونظر الكرة الارضية بجل ارجائها واسرائيل تعرف هذا ايضا وتعرف ان العرب المفككين لا يقدرون على فعل شيء سوى اصدار البيانات وتحريك المظاهرات واطلاق الشتائم في الفضائيات وتحركات غير ذات جدوى في عالم التحالفات والمصالح، ولهذا لم تخش اسرائيل احدا وراحت دون حياء تضرب الاطفال بالطائرات العسكرية والصواريخ الموجهة الكترونيا وكأنهم دمى وألعاب وليسوا ارواحا بشرية.
ما يجري في غزة هو احدى نتائج الفرقة الفلسطينية والاقتتال بين الفصائل الفلسطينية على السلطة ونتيجة طبيعية لتفرد اسرائيل بكل طرف منهم فيسهل اصطياد كل فرد منهم ومن الصعب التفرد بجماعة حتى وان كانت ضعيفة في مواردها وامكانياتها، والمشهد الفلسطيني المتعلق بالسلطة واضح الخلاف فيه بل الاختلاف والاقتتال، الأمر الذي شجع إسرائيل للعبث في غزة تارة وفي الضفة تارة أخرى وفي مواقع أخرى، ولن تتوقف الآلة الصهيونية عن الاجرام بحق الأبرياء العزل طالما استمر الفرقاء الفلسطينيون في عدم المبالاة بضرورة لقائهم وأهمية توحيد موقفهم وحتمية ارتباط مصيرهم، وتوحيد الصف الفلسطيني سيشجع العرب على دعم سفينة واحدة كبيرة بدلا من السفن التائهة هنا وهناك ولكل منها بوصلة وراية وقبطان.
ما يجري في غزة يمزق القلب وفيه منتهى الاذلال ويظهر العجز والشلل الذي اصاب الامة بسبب فشل الفلسطينيين في توحيد موقفهم، ولا اتوقع ان تنتهي المجازر ان استمر الشعب غير موحد بسبب قيادات متصارعة هم بلا شك سبب مباشر في قتل الابرياء في غزة ولا قدر الله تعالى في مكان آخر في يوم آخر.
الكلام والبيانات والاستنكار لا ينفع.. بقدر منفعة وحدة الصف والكلمة الفلسطينية.