علي الدقباسي
أسوأ المسؤولين هم الذين يمشون على هوى ورغبات وغايات المسؤول الأكبر منهم بهدف استمرارهم في مواقعهم ولو جاء ذلك مخالفا لأساس وظائفهم، ومثل هؤلاء لا يخدمون الدولة وانما يخدمون أنفسهم على حساب الدولة! وكل مسؤول يحتاج الى مساعدين ينصحونه ولا يطبلون له ويزمرون ويشيدون بعبقريته حتى وان كان على خطأ!
والدين النصيحة كما يقال والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وهؤلاء يدفعون بالسلطة المطلقة لكي يفوزوا بالاستمرار في موقعهم الوظيفي، ويجيء يوم تدفع فيه البلد فاتورة انحرافات مثل هؤلاء الذين هم في الحقيقة ليسوا عبئا ثقيلا فحسب بل عدوا يغير أجندة الدولة ويغير بوصلتها حسب هوى «المعزب» وليس ذلك حبا وولاء له بل لمنافعهم، وقديما قيل «عدو عاقل خير من صديق جاهل»، فما بالك ان كان صديقا مضللا؟
وفي اللهجة الشعبية الكويتية هناك مثل يقول «اتبع اللي يبكيك مو اللي يضحكك» وذلك للتشديد على أهمية الرأي المخالف وللاستفادة منه.
وهناك ايضا قول منسوب للمرأة الحديدية التي حكمت بريطانيا العظمى «مارغريت تاتشر» اشادت فيه بوجود المعارضة بقولها «لولا وجود معارضة حزب العمل لما فاز «المحافظين» وحقق برامجه وأهدافه»! وهذا قول بليغ يؤكد أهمية وجود المراقبة والمحاسبة ودورهما في دفع كل مسؤول لاظهار أفضل ما عنده وبذلك يستفيد الكل وعموم الدولة بدلا من استفادة فرد أو جماعة على حساب الكل، ومعظم، ان لم تكن، كل الشركات الناجحة في العالم والمؤسسات العملاقة تدفع أموالا طائلة للحصول على رأي ومشورة ونتائج دراسات وأبحاث للاستفادة منها في تحقيق أرباح أكبر، وتقليل مصاريف يمكن الاستغناء عنها، دون تأثر الأرباح، والأمثلة كثيرة تشير الى نماذج متعددة في أهمية الرأي والمشورة والمعارضة ونماذج أكثر في خطورة من يصفقون ويمشون على أهواء المسؤولين ولا يقدمون لهم النصح والرأي والحقيقة ولا يذكرونهم دائما بأن الدولة هي التي يجب ان تستفيد وان هذا لا يتحقق الا ان جاءت الأمور، مهما كان الثمن، متماشية مع تطبيق الاجراءات الصحيحة.
والعمل وفق الأنظمة وبكل شفافية لسبب بسيط وهو أن الكل زائل ولا دائم الا الله سبحانه وتعالى، والدولة التي تضمنا جميعا الى ما يشاء الله تعالى وتبارك، ومن يخالف ذلك يلخبط الشأن العام في شؤون مصالحه الخاصة وفي الغالب بسوء نية!
باختصار... من يهللون للمسؤولين ولا يذكرونهم وينصحونهم ويخالفونهم في الانحراف، ليسوا الا شركاء لهم في الأخطاء وذلك في سبيل استمرارهم ولو على حساب الدولة، وهؤلاء أكبر معوق للإصلاح الذي تحدثت عنه.