بما ان الشعب هو المتضرر الاول دائما من ألاعيب السياسة وأبطالها وبحكم ان حل البرلمان واستقالة الحكومة في الكويت أصبح حصادا في غير موسمه فمن الطبيعي ان تكون ثماره غير ناضجة هذا ان لم تكن مضرة في اغلب الأحيان، وهذا باعتقادي ما ينطبق حرفيا على قرار مجلس الوزراء الذي يتم تفعيله دائما عند حل البرلمان اواستقالة الحكومة والذي توقف على أساسه اجراءات التعيين والنقل والندب وما يرتبط بها خلال هذه الفترة بل انه وبفضل هذا القرار الذي تحدثنا عنه سابقا وعلق عليه الكثيرون اصبح المخرج الآمن لتبرير تقصير الكثير من قيادات الدولة في اداء واجباتها والدليل هو العبارة الشهيرة «راجعنا بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة» حتى وان كانت طبيعة بعض المعاملات اجرائية ولا تتعارض مع قرار مجلس الوزراء.
ولكن يا ترى لماذا لجأت الحكومة لمثل هذا النوع من القرارات؟ وهل يعقل ان الحكومة لا تدرك الاثار السلبية لهذا القرار وتحديدا على مصالح المواطنين؟ والأهم من كل ذلك الا تثق الحكومة بقياداتها حتى تصدر لهم قرارا يلزمهم بما تستعين بهم اساسا على ادائه؟ فإذا كانت الحكومة عازمة من خلال هذا القرار على عدم اختراق القانون عبر وساطات المرشحين في هذه الفترة فكان الأولى بها ان تلزم قياداتها بعدم تمرير كل ما هو مخالف في غير مواسم الحلين وفي الأوضاع الاعتيادية.. ولكن من الواضح ان الحكومات الكويتية المتعاقبة والتي تصدر هذا القرار قد ادخلت مصالح الناس ضمن اوراق الضغط التي تستخدمها سياسيا ويا ليتها فلحت بذلك!
أما الغريب ولكن المستحسن هذه المرة فهو التغير السوبر ايجابي في هذا الأمر والذي يعتبر التفافا شرعيا على هذا القرار وتوقيته بحكم انه مرتبط بتأمين مصالح المواطنين وعلى فلسفة ان موجبات القرار واهدافه تستدعي ترشيد تطبيقه بما لا يتعارض مع قواعد العدل والمساواة بين المواطنين وبما انني كمواطن معني بمعاناة اخواته واخوانه من المنتظرين على قوائم الباحثين عن عمل بحكم اننا جميعا كويتيون فإننا جميعا نثمن هذه الخطوة الجريئة والعادلة التي اقدم عليها ديوان الخدمة المدنية ورشح بموجبها 4 آلاف شاب وشابة للعمل في جهات الدولة المختلفة وذلك قبل قرار الحل بيوم او يومين خصوصا ان التاريخ المتوقع لصدور هذا المرسوم وتوقيته لم يكن بخاف عن علم قيادات الديوان، ولكنهم اصبحوا اكثر قناعة بأنهم سيكونون اول ضحايا مثل هذه القرارات والذي سيتحمل على أساسه الديوان الحصة الكبرى في اتهامات تقصير وتقاعس الحكومة عن ايجاد فرص عمل للكويتيين وهذا ما تعود ان يزايد عليه الكثيرون استجداء لعواطف الشباب خصوصا ونحن مقبلون على موسم انتخابات يكثر فيه النقد وتقل فيه الحلول لذلك فإن ديوان الخدمة المدنية اقتنع اخيرا بأن تكلفة إيجاد البديل لـ 4 آلاف مواطن سيعانون لمدة شهرين على الأقل ستكون اعلى بكثير من ترشيحهم قبل صدور هذا القرار وهذا ما دعا الديوان الى الطلب من مجلس الوزراء بعد صدور مرسوم الحل ان تسمح الحكومة للديوان باستثناء من تم ترشيحهم قبل المرسوم مما يترتب عليه اجراءات تعيين آمنة لا منغص فيها او عليها.
للعلم فقط.. فإن مجلس الوزراء لجأ الى هذا النوع من القرارات منذ ان قام احد وزراء التجارة السابقين في اواخر التسعينيات وهو دكتور واكاديمي الى تعيين 300 واحد من ربعه في يوم واحد وذلك بعد علمه بان مرسوم الحل سيصدر في اليوم التالي.. ثم وزير اشغال كان يوقع كتب تعيين جماعته وهو متكئا عل دبة سيارته.. وغيره الكثيرون ممن راعى مصالح جماعته وبالطقاق مصالح غيره.. هذه العينات المخترقة هي ذاتها الجوقة التي تكرر اليوم مقولة ان الشعب مصدر السلطات واننا نمثل الأمة ونحمي مصالحها.. فما أقبحها من غايات وما أرخصها من مصالح!
لذلك اذا كان هناك شكر مستحق على هذه الخطوة (ترشيح آلاف المواطنين قبل صدور مرسوم الحل بيوم) فهي كلمة شكر كبيرة للسيد عبدالعزيز الزبن وجميع من عمل معه على تحقيق هذه القفزة الحقيقية والشرعية على موانع فرضتها أصلا ظروف غير شرعية وبهذا يكون الديوان قد أسس سابقة مستحقة قد تساهم مستقبلا في إلغاء هذا القرار والبحث عن قرار يحاسب المتجاوزين من القيادات ممن يستغلون ظروف الحل وملحقاته.. و بالمناسبة فإن شكرا مستحقا آخر هو لجنود الديوان على خط المواجهة في جبهة الدور الثامن فواز الخالد وراشد المبارك والذي اتمنى ان يتعلم منهما البعض الذي اصبح مديرا بالصدفة، ان الأخلاق الرفيعة وتقدير الناس ومحاولة تفهم معاناتهم هي اقصر الطرق التي تثبت فيها لنفسك قبل الآخرين انك فعلا تستحق الكرسي الذي تجلس عليه او الذي اجلسوك عليه.. وسامحونا على الإطالة.
[email protected]