انقضى رمضان وستظل روحانياته وأجواء صفائه تنبض في سرائرنا وأنفسنا والعبد المؤمن المحب لله هو الذي يسعى للمحافظة على هذا الصفاء الروحي حتى بعد رمضان، ويجعل عهده مع الله في رمضان بهجر المعاصي وتجديد التوبة والتقرب إلى الله بالصوم وقيام الليل وتلاوة القرآن الكريم عهدا قائما متجددا عبر الأيام بحب الله والإيمان القائم على الصراط المستقيم.
ويشرق علينا عيد الفطر المبارك ببهجته وفرحته، إذ جعله الله في نهاية الشهر الكريم ليفرح الصائمون والطائعون بطاعتهم لله، وإن عيد الفطر بلا شك من الأيام المباركة، فمن الثابت أن لكل أمة من الأمم أعيادها التي تعتز بها ولها المكانة السامية في نفوس ووجدان أبنائها، ولما كانت أمة الإسلام هي خير أمة أخرجت للناس جاءت أعيادها أكرم الأعياد، إذ جعلها الحق تعالى مرتبطة بعقيدتها، والعيد هو رمز السرور وقوة الرابطة وتجديد الأواصر في المودة والألفة بين القلوب، فمن أتم صيامه وقيامه، وبذل فيه من العطاء ابتغاء مرضاة الله، وأعطى من حرمه ووصل من قطعه وعفا عمن ظلمه فيصدق فيه قول الحق: (قد أفلح من تزكى)، (وذلك هو الفوز العظيم).
وأجمل عيد في حياة الإنسان أن تكون علاقته بالله متميزة، ويسعى لأن يكون من أهل الجنة، وكل يوم يمر عليك دون أن تعصي الله فهو عيد، وتتجلى في آداب عيد الفطر المبارك السلوكيات والأخلاق الحميدة منها: الاغتسال والتطيب وارتداء أحسن الثياب، كثرة تكبير الله حمدا وشكرا على تمام النعمة، تجديد صلة الأرحام من خلال التهنئة بالعيد والمشاركة الوجدانية بالاحتفال بعيد الفطر المبارك، غرس المحبة والعمل على إكرام الأيتام وإطعام الفقراء وسد حاجة المحتاجين، الحرص على الطاعات التي تعودها العبد في رمضان، الدعوة إلى التسامح ونبذ الخلافات التي تبعدنا عن طريق الله والتخلي عن الضغائن والعداوات التي تفسد علينا طاعتنا لله، إدخال السرور والبهجة والانشراح إلى النفس.
ولكي نحقق الحب والسلام والتعاون على البر والتقوى يجب أن يكون عيد الفطر عيدا للوفاء والإخلاص والصدق والهجرة إلى الله بقلوبنا وأنفسنا وسلوكياتنا وأخلاقياتنا، ولنا في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وعظة وعبرة، إذ دعا المسلمين لحضور صلاة العيد رجالا ونساء لتحصيل الخير وحضور دعوة المسلمين ولاستشعار البهجة والسرور ولتحقيق التعاون والصلاح، وهو ما يثمر تنمية الروابط في المجتمع وتقوية أواصر المحبة.
[email protected]
[email protected]