دخل رجل على «أفلاطون» فرآه منحنيا وبيده سوط وأمامه خادم كان يشرع في تأديبه، فلما أدرك الحالة التي يكون عليها الغضبان في غضبه، أمسك عن ضرب الغلام وكظم غيظه وبقي منحنيا ذلك الانحناء فسأله الرجل عن هذه الوقفة فقال له الحكيم: أردت أن أضرب هذا الخادم فلما رأيت نفسي على هذه الهيئة قصدت تأديبها بالبقاء عليها حتى تتوب عن غيها.
وقال خير البشر رسولنا صلى الله عليه وسلم «ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب» فالغضب كالحريق أوله شرارة ثم يكون منه ما يهول سماعه ويهول منظره، فالحكم على الأمور بحالة الغضب دائما ما يعقبه الندم، فلو صبر الإنسان حتى تهدأ ثورته لوجد نظرته اختلفت تماما.
إذن فالغضب شعور انساني طبيعي يصيبنا جميعا ولا نستطيع ان نمنعه لان منعه يقلل من شعور الانسان بالتنفيس عما بداخله نتيجة موقف ما اثار حفيظتنا او اغاظنا كما نقولها بالعامية. وقد اتفق الخبراء النفسيون في مختلف انحاء العالم على ان الاساس ليس منع الشعور بالغضب وانما في كيفية التعبير عنه، فنحن نتفق انه لا احد منا يريد ان يعبر عن غضبه بطريقة تؤذي من حولنا سواء الذين نعرفهم ام الغرباء، ويجب على كل فرد منا ان يعرف ما الاسباب الحقيقية وراء الشيء الذي اثار غضبه قبل ان تبدأ ثورته او طريقة التعبير الخاطئة عن مشاعرنا الداخلية حتى تتم معالجتها وبذلك تنتهي المشكلة.
ويجب ان نتفق ايضا على ان تلك الطريقة الخاطئة لن تزيل ما حدث من اضرار وانما ستتسبب في مزيد من الاضرار لنا او للآخرين ولو على سبيل الاضرار النفسية نتيجة الشعور بالاهانة هذا غير اننا لا نريد ان يأخذ الغير فكرة خاطئة عن اخلاقنا وعن بيئتنا فان اول شيء يتبادر الى ذهن المحيطين بالشخص الغاضب هو: «انظروا الى تربيته»، فنكون بذلك اخطأنا في حق أسرتنا دون ان نشعر وندمر علاقات جيدة بيننا وبين الآخرين بسبب تجنبهم لنا وعدم رغبتهم في مخالطة من له هذا الخلق السيئ الذي ظهر جليا اثناء عنفوان الغضب لذا آن الأوان أن نقف وقفة مع انفسنا ونعرف ان طرق التعبير الصحيحة عن الغضب هي فن وعلم قبل ان تكون أسلوبا شخصيا فمهما كانت حالتك متأخرة او مهما كانت المرحلة العمرية التي تنتمي اليها فلم يفت الأوان بعد، فالمعرفة لا حدود لها، لاسيما ان كانت تمس حياتنا الشخصية وتساعدنا في بلوغ اهدافنا في التمتع بالعيش بسلام مع من نحب.
[email protected] - @ali_alrandi