حديث متواتر نقله الثقات ورواه أكثر من مصدر، والحديث في نصه الكامل «حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من الاسباط»، وطالما استوقفتني جملة «أحب الله من أحب حسينا»، والسؤال هنا: هل هذا نص إلهي يبلغه النبي الأكرم للمسلمين؟ أو هو دعاء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وفي كلتا الحالتين فالرسول الأكرم صلوات الله عليه لا ينطق عن الهوى، فقد جاء في تحفة الأحوزي: انه صلوات الله عليه علم بنور الوحي ما سيحدث للحسين في المقبل من الايام فخصه بالذكر، وبين أنهما كالشيء الواحد في وجوب المحبة وحرمة التعرض والمحاربة، وأكد ذلك بقوله «أحب الله من أحب حسينا» فإن محبته محبة الرسول ومحبة الرسول محبة الله.
والظاهر أن قوله صلوات الله عليه «أحب الله» هو دعاء من رسول الله صلوات الله عليه لمن احب الحسين، ويحتمل أن تكون هذه الجملة اخبارية أي إن النبي صلوات الله عليه يخبر عن ثبوت محبة الله لمحبي الحسين.
وكذلك نرى ان قوله في حقهما أنهما «سبطان من الأسباط» لا يعني أنهما حفيدان كما أن جميع البشر ما عداهما حفده، بل ان الألف واللام في الأسباط تلفت انظار المسلمين للعهد الذهني من القرآن الكريم: أي انهما بمنزلة الأسباط المذكورين في كتاب الله في قوله تعالى (قولوا آمنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون ـ البقرة: 136).
وقوله تعالى (قل آمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون ـ آل عمران: 84).
وقف الحسين عليه السلام يوم عاشورا وقد احاطت به الجموع من كل جانب يريدون النيل منه وقتله، فقال بعد الثناء على الله والصلاة على رسوله: أيها الناس اعلموا أنه ليس بين مشرق الأرض ومغربها ابن بنت نبي غيري فأنا آخر الأسباط.
معركة شرسة تجلى فيها الحق بأزهى صوره وقدم فيها الحسين السبط وأصحابه وأبناؤه وبنو أبيه أعظم التضحيات بمواقف تجلت بها البطولة والتضحية والفداء والنبل، بينما تجلت الخسة والدناءة واللؤم بجيش ابن زياد، فتحول هؤلاء الى وحوش ضارية ولم ينج من بطشهم ووحشيتهم حتى الطفل الرضيع، لتبقى معركة كربلاء نبراسا للشهامة والاباء والتضحية في سبيل المبدأ، حتى قال أحد شعرائهم يفتخر بها:
لولا لم تكن جمعت كل العلا فينا
لكان موقف يوم الطف يكفينا
جاءوا بسبعين ألفا سل بقيتهم
هل قابلونا وقد جئنا بسبعينا
وامتدت هذه الثورة وتجذرت في وجدان المسلمين، حتى صارت مثالا يحتذى وخارطة طريق لكل من يرفض الذل ويأبى الضيم والظلم والاضطهاد، وتمر الأيام فيحاصر عبدالملك بن مروان مصعب بن الزبير وكانت بينهما صداقة وعيش مشترك في شبابهما، فعز على عبدالملك ان يقتل مصعب بن الزبير فعرض عليه الاستسلام ولكنه رفض ذلك العرض حين مرت بخاطره موقعة كربلاء، وكان زوجا لسكينة بنت الحسين، وما ان عزم على القتال حتى تعلقت بأذياله تناشده ألا يفعل فقال لها: دعيني يا ابنة الحسين فلن يترك أبوك لابنة حرة عذرا، وأنشد يقول وهو متجه الى المعركة:
وان الاولى بالطف من آل هاشم
تأسوا فسنوا للكرام التأسيا
فسلام على أبي الأحرار الحسين ابن علي وعلى المستشهدين بين يديه في يوم ذكراه العاشر من محرم وسلام على الذين مشوا على دربه فأصبحوا علامات بارزة على درب الشهادة والفداء.
والكويت التي ترى في الشعائر الحسينية ومجالس العزاء جزءا أصيلا من تراثها منذ أيامها الأولى تحرص على أن تجري مراسم العزاء كل عام بأجلى صورها لتنتهي بكل هدوء ويسر وتعاون بين القائمين على هذه المجالس وروداها والجهات الأمنية لما من شأنه أن يحفظ للكويت العزيزة أمنها الاجتماعي واستقرارها بروح من التعاون والتكاتف لما فيه خير للبلاد وأمنها.