على الرغم من التحديات التي يواجهها العالم اليوم من الحروب وانخفاض درجة الحرارة ونقص المياه والطاقة والبطالة والإرهاب، وهي مشكلات تعد بمثابة الكوابيس التي تؤرق الدول، وعلى الرغم من الحروب الدامية في سورية والعراق ومصر والسودان، إلا أنني قرأت تقريرا أصدره المجلس الأميركي بجامعة الأمم المتحدة ومقرها طوكيو، ألقى بشعاع من الضوء على الصورة المظلمة، وذكر التقرير أن العالم ينتظره مستقبل أكثر تفاؤلا بعدما انخفض عدد الصراعات المسلحة وزاد متوسط عمر الإنسان وتقلصت نسبة الأمية، وانخفض عدد اللاجئين على مستوى العالم، ومن النقاط المضيئة التي أوردها التقرير أيضا زيادة الناتج القومي للكثير من الدول، وزيادة معدل الأعمار وانخفاض معدل الوفيات عند الأطفال وزيادة عدد مستخدمي شبكة الإنترنت، ومن المظاهر السلبية التي أوردها التقرير زيادة حجم الفساد وانخفاض نسبة الذين يدلون بأصواتهم في الانتخابات بالعديد من الدول، كما أوضح التقرير أن دخل أغنى 225 شخصا في العالم يساوي دخل أفقر 217 مليار إنسان في العالم، ومع ذلك اصبحنا نعيش في واقع إقليمي متوتر، فهناك قوى إقليمية تتربص باستقرارنا، ونجحت هذه القوى في جرنا إلى صراعات سياسية وطائفية لتجعل من البلاد العربية ساحة لتصفية حساباتها، وهذه القوى ترى ان ما تقوم به فرصة لزعزعة استقرار الدول العربية من خلال اللعب على الأوتار الطائفية وتفتيت الوحدة الوطنية لتلعب هذه القوى دور المواجهة للصراع وجر البلاد لمواجهة إقليمية كبرى.
لقد كانت هناك بلاد مثل مصر ولبنان وسورية والعراق وتونس وأفغانستان تنعم بالاستقرار واستدرجت إلى صراعات ومواجهات داخلية طائفية ومن ثم أصبحت هذه الدول تحارب بالإنابة عن قوى إقليمية وتكتلات سياسية لحساب أجندات خارجية، وأمواج الفتنة من حولنا تتلاطم في مصر وسورية ولبنان والعراق وفي الوقت نفسه تسعى إيران إلى أن تجعل من دول الخليج ساحة خلفية لتصفية حساباتها الإقليمية فضلا عن إجراء تجاربها النووية.
والسؤال هنا: ماذا نحن فاعلون؟
وما الاحتياطات والتدابير التي تم اتخاذها حكوميا؟ وهل مازلنا نعتقد بأن الحلول في ألا نخرج دائما من النطاق الأمني؟ وأين دور وزارة الإعلام ووزارة التربية في تغذية العقول والعمل على زيادة الوعي والانتماء الوطني؟
إن الثقافة السياسية والوعي القومي يشكلان محور الهوية الوطنية التي تتجاوز الانتماء الطائفي وإن للطائفية دورا إيجابيا ينبغي أن تلعبه من خلال مؤسساتها ورموزها في دعم استقرار المجتمع وتعزيز بنائه الاجتماعي.
وان هذا الدور لا شك مكفول ومضمون النتائج ان تجاوز الحيز السياسي، وأيضا عدم استخدام القوة والالتزام بصيانة حرمات الدماء والأموال والأعراض سواء كانت فردية أو جماعية وان الواجب الديني والوطني والإنساني صيانة كل قطرة دم لأي إنسان مهما كان انتماؤه.
[email protected]