من صميم الحياة يمكن أن نجد قصصا كثيرة بعضها يعبر عن السعادة وبعضها الآخر يروي سطورا من التعاسة، لأن الحياة ليست خطوات نقطعها كيفما نحب ولكنها فن يجب ان نعرف كيف نمارسه، ومن يعرف ذلك هو في الحقيقة الذي يعرف طريق السعادة والهدوء والاستقرار.
الحياة تتغير ومعنى ذلك وجوب ان نغير بعض العادات، والتغيير يجب ان يكون دائما الى الأفضل ومن منا لم يشعر بالتغيير في المجتمع، هذا التغيير الذي نفخر به لأننا نبني ونحاول ان نزيد مصدر دخلنا، اننا نستمتع بمعيشة يحسدنا عليها الكثيرون في الدول الأخرى.
المستوى المعيشي بشكل عام أصبح في المستوى اللائق، ولنا أمل في المستقبل في ان يفوح منه مزيد من رائحة الرخاء والرفاهية.
ورغم هذا الرخاء والرفاهية والتغيير الذي شمل مجتمعنا فإن هناك عادات كثيرة قديمة بالية مازالت تتحكم فينا وترهق حياتنا وتكلفنا الكثير الى درجة اننا أحيانا لا نشعر بالتغيير الذي شمل مجتمعنا فهناك مظاهر تتحكم في تصرفاتنا ومنها تشغيل الخدم بأعداد كبيرة في المنزل الواحد فنرى عند البعض أنواعا من الخدم وأكثر من سائق وطباخ ومساعد له وعدد لا بأس به من الخادمات من جنسيات مختلفة، بالإضافة الى عدد من مربيات الأطفال، ورغم ان عدد أفراد الأسرة في هذا البيت يعتبر عاديا اذ لا يتعدى رب الأسرة والزوجة وعددا من الأولاد لا يتجاوز 5 أو 6، ولو تساءلنا لماذا هذا التنوع الكبير وهذا العدد من الخدم الذين يقطنون في بيت واحد لكانت الإجابة غير مقنعة، السواق من أجل توصيل الأولاد الى المدارس إذ ان الأولاد في مراحل دراسية مختلفة ومدارسهم في مناطق بعيدة عن الأخرى، بالإضافة الى الزحام الكبير في الفترة الصباحية فإن رب الأسرة يضع سائقين بدلا من سائق وطباخ ومساعد له من أجل الطبخ، ولأن الأسرة فيها أطفال لا يذهبون الى المدارس فلابد من وجود مربية لكل طفل، أما باقي الخدم فهم لتنظيف البيت وخدمة أهله.
وللمظاهر ايضا دور في تقليد الأخريات فيما يلبسن ويشترين رغم ان امكانيات البعض المادية ربما تكون أقل، وكذلك الإصرار على مجاراة الموضة وشراء الملابس الفاخرة الغالية ذات الماركات المعروفة رغم ان الموضة يمكن ان تشمل ملابس أنيقة وجميلة ورخيصة لكنها عقدة المظاهر الكاذبة التي تجعلنا نحرص على ان ندفع رقما مرتفعا ثمنا لشراء فستان أو سيارة ذات ماركة معينة لأنه لا يجوز لمن تتمسك بالمظاهر ان تركب سيارة متواضعة.
وهناك أيضا العزايم وحفلات الزواج والتي نتفنن في تكاليفها لدرجة ان الحفلة الواحدة تلتهم ميزانية كبيرة مع انه ينبغي فيها ان تكون مناسبة حلوة يلتقي فيها الأهل والأصدقاء في جلسة سعيدة وبروح مرحة واستقبال جميل، وألا نبالغ في تكاليف الأعراس، فهذه المظاهر الكاذبة الموروثة من المجتمع القديم يجب ان تنتهي وتتغير لأننا وبكل بساطة نعيش في مجتمع يتطلب منا مواجهة الحياة بالشكل الذي يضمن لنا الاستقرار والسعادة، وبالرغم من هذا نجد احيانا العادات والتقاليد قد تحفظ بعض القيم والمكتسبات وهذا ما نراه في الغرب وكيف هم يعتزون بثقافتهم الموروثة والمتعاقبة كما يفعل البريطانيون اليوم في طريقة ملبسهم التقليدية بل حتى في شكل تصميم سياراتهم التراثية وهذا نجده جليا في سيارة الأجرة ذات «الديزاين» أو التصميم التراثي المميز وايضا الصينيون واليابانيون يحرصون على حفظ تراثهم وثقافتهم، فليس الأمر يقتصر على الشعوب العربية أو على المسلمين بل يشمل العموم لأن التمسك بهذه القيم يدل على الأصالة والعزة والثقة بالذات، فالتشبث ببعض العادات يعكس مدى تلاحم الأمة ومدى قوتها ونحمد الله ان لدينا لغة هي لغة القرآن الكريم امتزنا بها عن سائر الأمم، ولدينا من الطباع والخصال ما يحسدنا عليه الآخرون كالكرم والغيرة ونصرة المظلوم، فبالتالي يجب ان نعزز هذه القيم التي تميزنا بالخيرية وننقحها مما يشوبها من جهالات وإساءات.
[email protected]