العداء الغربي للإسلام ليس ناشئا عن ذنب أو جريرة، وإنما ناشئ عن حقد وتجنّ مع سبق الإصرار والترصد، ويحاول بكل ما أوتي من أسلحة وفكر أن يكيد للإسلام والمسلمين، نفهم من ذلك أن الغرب يوجه كل أسلحته الحربية والعلمية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية لحرب الإسلام، وأنه أوجد إسرائيل في قلب العالم الإسلامي كجزء من هذا المخطط المرسوم، والحقيقة التي يعجب لها ظهور كمية العداء وعمق هذا الظلم الفاضح وكثافة هذه الحرب الضروس لأهل الفضل على أوروبا وأهل الحضارة التي اقتبس منها الجميع ويقرّ بها أصحاب الضمائر الحية من الغربيين، وهنا يحضرني قول المستشرقة الألمانية «سيجريد هونكه» تقول كلمة حق وهي «كل موجة علم أو معرفة قدمت لأوروبا كان مصدرها البلاد الإسلامية وان أوروبا تدين للعرب والحضارة الإسلامية وان الدَّين الذي في عنق أوروبا وسائر القارات الأخرى للمسلمين كبير جدا، وكان يجب على أوروبا أن تعترف بهذا الصنيع منذ زمن بعيد، لكن التعصب الديني واختلاف العقائد أعمى عيونها وترك عليها غشاوة حتى نقرأ 98 كتابا من 100 فلا نجد فيها إشارة لفضل العرب وما أسدوا إلينا من علم ومعرفة.».
منذ زمن وإلى عهد قريب كنا نظن حسن النية أننا تحررنا من الاستعمار وتخلصنا من السلط الأجنبي لأن جنوده قد رحلوا عن أرضنا ومعسكراته قد أزيلت وأعلامه، المرفرفة في أجوائنا قد طويت، فرحنا بهذا وسعدنا به وانتظرنا النسيم العليل، فإذا به الريح العقيم وتطلعنا إلى الفرج القريب فإذا به الكرب الكئيب وتحول العدو الراحل الى حية رقطاء بين ثيابها وانقلب الاحتلال المجسم إلى وحي في النفوس وخطط على الواقع وهيمنة على الأفكار والتوجهات، واليوم وبالعين المجردة وبغير مشقة تستطيع أن نرى المخططات العدائية ضد المسلمين، ونلاحظ النوايا السيئة تعمل عملها. أما دعوة الصدام الحضاري التي يروج لها الغرب فلا تعدو أن تكون مجرد سبب وغطاء فكري لتبرير تسيده وهيمنته على الأمة، لكن هل ستستمر الأمة العربية والإسلامية وتظل هكذا أمة شهيدة مهدرة الدماء، وهنا أستشهد بأستاذ نظم الحكومات ومدير معهد جون أم للدراسات الاستراتيجية في جامعة هارفارد الكاتب «صمويل بي هانتنغتون» في كتابه «الإسلام والغرب»، يقول «إننا ننظر إلى التفاعل بين الإسلام والغرب على أنه أكثر من صراع بين الحضارات لأن المواجهة القادمة للغرب ستتجه بلا ريب لتأتي من العالم الإسلامي الذي يحمل رسالة يصعب مقاومتها».
إن الخوف من الإسلام يكمن في حيويته وسلاحه الفطري الرباني، ويكمن في نظامه الفريد وفي قدرته على التوسع وفي حيويته، ولهذا لا يملك أعداء الإسلام مهما عادوا الإسلام ووقفوا في طريقه إلا أن ينحنوا له في النهاية إجلالا لعظمته، فأقول سبحان الله (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، أما الجهلاء وفاقدو البصيرة فإنهم ينادون من مكان بعيد وقد ختم على قلوبهم وأبصارهم وعقولهم، وهنا أتساءل: هل يستطيع الباطل مهما علا أن يقف في وجه الحق وأن يصارع القدر؟، لا وألف لا، لأن صوت الحق يجلجل في الأسماع صباحا ومساء (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون).
[email protected]