كلنا نعرف ما معنى كلمة بروفة، وهي تعني في القاموس «إعادة عناصر العرض قبل عرضها على الجمهور، للتحقق من صلاحيتها».
أي أن مَشاهد الفيلم أو المسرحية أو المسلسل التلفزيوني وغيرها، ممكن أن تعاد أكثر من مرة حتى يتقن الممثلون الدور الذي عليهم، ليتم عرضه على المشاهدين أو المستمعين بكل نجاح.
ولكن هناك مشاهد لا يمكن أن تعاد ولا يتم التعديل عليها وتصحيحها، وإذا ظهرت للناس تظهر مرة واحدة، فإما أن تصيب أو تخيب أو تظهر بلون باهت رمادي لا طعم له، فهل تعلم عزيزي القارئ ما هي هذه المشاهد؟.. أنا أخبرك بذلك.. إنها بكل أسف مشاهد الحياة التي نعيشها، ونحن جميعا من يقدم العرض فيها كل حسب دوره!
نعم إنها حياتنا.. التي يعتقد البعض أنها تطول بطول الأمل.. وكأنها لن تنتهي ولن تتغير ولن تنقلنا إلى أدوار وأطوار، فالمشهد الذي يعرض لن يتكرر، والعمر الذي ينتهي لا يعود، والفرص التي تذهب لا تعوض، والكلمة التي تخرج من اللسان لا يمكن أن تمسح من التسجيل، والأفعال والمعاملات بكل أشكالها لن تتمكن من إلغائها من الشريط المصور، فهي محفوظة بكل دقة وتفصيل، وبكل لحظة وتاريخ.. ولو اجتمعت إمكانيات البشر كلها فلن يقدر أحد على شطب أي جزء من هذه المشاهد!
لذا.. أقولها باختصار: لمن يعيش الحياة بدور المسكين والمظلوم، وبمشاعر النكد والهمّ واجترار لأحداث الماضي.. لن تصلح ما تكسر، ولكن يمكنك أن تعيش ما تبقى من حياتك بطريقة أصلح وأفضل، وأن تختار الأدوار بعقل وقلب واع، لتغير من نظرتك السابقة لقيمتك الحقيقية كإنسان، وقيمة الحياة التي وهبها الله سبحانه لك، فلا يوجد مسكين أو مظلوم إلا باختيار منه.
ومن يعيش الحياة بدور المتجبر والظالم والحاقد، انتبه.. إنها أبشع الأدوار وأحقرها وأسوأها، فللحياة نهاية، وللمشاهد شاهد، وميزان العدل لن يخطئ أبدا.. وأنت من يتحمل وزرها فهي كانت خياراتك!
فاليد التي تمتد لتصفع، ممكن أن تغير مهمتها لتمتد وتعطي، وقس هذا المثال على بقية الأدوار في الحياة!
أيها القارئ: تأكد أنك أنت من تحدد المشاهد التي تقوم فيها بكل دقتها، وبكامل وعيك، وتذكر دائما أنها لن تعاد، فهي المشاهد التي لا يمكن أن تكون في يوم ما «بروفة».
[email protected]