كان لي شرف حضور مسرحية موجب التي كتبها وأخرجها وأنتجها الفنان المتألق محمد الحملي، لم أكن أظن أن للابداع مكانا في المسرح التجاري بالكويت، الى أن دعتني الاستاذة الفنانة أحلام حسن للمسرحية والتي أصرت أن أشاهدها لأن لها علاقة بمجال اهتمامي الانساني، وكم أنا سعيدة لأنني لبيت الدعوة.
طاقم العمل مختار بعناية فائقة، وكانت عودة الفنانة الكبيرة هيفاء عادل للمسرح بعد غياب عشرين عاما عودة بطعم النجاح المبهر، مثلت فأبدعت فتألقت، وجود كوكبة من الكوميديين الاذكياء في اختيار ماذا يقال وأين وكيف دون أي ابتذال، كان مختارا بعناية، الفنان عبدالله الخضر الذي أجاد بدوره وكان يستخدم التعليق والنبرة بأسلوب كوميدي وممتع، وجاء أداء الفنانة المبدعة سماح متناغما جدا مع الخضر فشكلوا ثنائيا رهيبا على المسرح.
ولم ينته الابداع عند هذا الحد، حيث جاء بأجمل حلة حين أبدعت أحلام حسن بدورها الجدي وخفتها على المسرح كعصفور محلق مع محمد الحملي كان ثنائيا متجانسا ما بين الجد والكوميديا، الخلطة الناجحة والمفقودة في مسارحنا التجارية.
والمسرح دون صوت عذب وموسيقى واداء حركي مسرح ناقص وغير مكتمل، ومن هنا جاء صوت وتمثيل عبدالله الرميان ليكتمل المشهد الابداعي، لا تسعفني بقية اسماء الممثلين الذين أبدعوا سواء كان دورهم صغيرا أو كبيرا.
عامل التشويق كان متواجدا طوال الوقت، والحبكة مرسومة بذكاء، أما الاخراج فجاء مبهرا وغير متوقع، العرض يعتبر متعة للعين والعقل، وأنت بالعرض أنت بحالة ترفيه واندماج وتأثر طوال الوقت، مشاعر مختلطة في عرض واحد، وهذه هي المعادلة الصعبة.
الحرفنة في الإخراج مبهرة للغاية رغم امكانيات مسرح دار المهن الطبية في الجابرية المتواضعة، الا ان المسرح نفسه تم تطويعه للعديد من التقنيات المبهرة والممتعة.
الكتابة كانت ممتازة، وكانت المسرحية تخص المهمشين والذي يعيشون بالمناطق العشوائية وعن حقهم في العيش بهذا الشكل، عن رحمة الانسان وكيفية تطبيق القانون، الانسانية بمعانيها وشخوصها في الواقع.
الفقر وما يمكنه أن يوصلك اليه، الضمير والرغبة في العيش رغم كل شيء.
مسرحية موجب أعادت ثقتي في المسرح الكويتي التجاري بعد أن فقدته لسنوات، والفنان محمد الحملي مبدع بكل المقاييس واختياره لهذا الطاقم العبقري أكبر دليل على البعد الفني الذي يمتلكه.
وفي النهاية أشكر الفنانة أحلام حسن على دعوتها التي اعادت لي متعة المشاهدة المفقودة في مسارح الكويت التي اتخمت بالإسفاف والاستهزاء لسنوات طويلة.
قفلة: الإبداع من سمات الشعب الكويتي، وهو الأمر الذي لا يختلف عليه اثنان، ولكن بيئة العمل والرقابة وكثرة المحاذير تقلص من فرص أن يرى إبداعهم النور، الإبداع لا يحتاج رقابة، الإبداع خلق ليحلق ويصنع لنا بهجة مشاهدته.
[email protected]