كما أن هناك الكثير ممن يستمتع بمشاهدة المباريات الرياضية بين الأندية الاحترافية ولاعبيها المهرة هناك من يستمتع بالمحاورات الشعرية بين الشعراء المتألقين أو بالاستماع للمحاضرين المبدعين والخطباء المفوهين وبالأخص عندما يفاجئك احدهم بالإعداد الجيد لذلك، فلا تملك حينها الا ان تصفق له إعجابا وتأييدا على تألقه وبراعة ادائه.
لقد فوجئت وسررت واكبرت اطراف الاستجواب الاخير لوزير الاعلام والشباب والرياضة على ما بذلوه من جهود مسبقة للتحضير لهذا الاستجواب وتلك المرافعات الرائعة التي ترافعوها خلاله واستمتعنا بمتابعته، ملتزمين بتوصيات سمو الأمير لهم بممارسة كامل حقوقهم من غير الاساءة لأحد أو اثارة للفتنة والبغضاء.
لقد ابدع النواب المستجوبون في مرافعاتهم وتقديم دفوعاتهم واثباتاتهم وما يملكون من ادلة وبراهين لاثبات تقصير واهمال الوزير المستجوب في اداء مهامه بالشكل السليم، كما لم يستسلم بالمقابل الوزير المستجوب لكيل التهم الموجهة له بالتقصير والتنفيع وغيره، فأبى الا ان يظهر بنفسه للدفاع عن موقفه بما يملك من اثباتات وبراهين تبطل تهم النواب المستجوبين.
نتفق أو نختلف مع قوة واثباتات طرفي الاستجواب ولكن نكبر لهما الى حد كبير حسن الاعداد والاستعداد للمواجهة والترافع ضد الاخر وقبول المواجهة بجلسة علنية على مشهد ومرأى من العالم كله، وهذا يؤكد على مقدار الثقة التي يمتلكها طرفا الاستجواب بما لديهما من ادلة وبراهين لسلامة موقفهما من الاستجواب.
كما لفت نظري ذلك النائب الشاب المنضم لفريق المستجوبين وهو يترافع في استجواب الوزير بقوة طرحه وقوة شخصيته وثبات موقفه مما يبشر بمستقبل سياسي باهر لهذا النائب الشاب، وذلك النائب المحامي المتألق وهو يصفّ اقواله صفّا ويصدح بما لديه من الحق صدحا من غير اساءة ولا قدح بالوزير المستجوب، ثم لم ينفك ان انضم لهما ذلك النائب المخضرم المتمرس بالاستجوابات على مر تجربته البرلمانية فيعزز بما يملك من ادلة وبراهين موقف زميليه المستجوبين مما أربك موقف الوزير في هذه الملحمة النيابية المتميزة.
ثم لم تبق في نهاية هذه الملحمة النيابية الا مرافعة الوزير للدفاع عن نفسه وعن سلامة موقفه، وقد كان له ذلك واجتهد اجتهادا كبيرا ليرد كيل الاتهامات تلو الاتهامات بما تبقى له من جهد وطاقة في مواجهة النواب المستجوبين واحسبه وفق في جانب منها ولم يوفق في جوانب اخرى.
ثم تنتهي هذه الملحمة وتلك المرافعات من طرفي الاستجواب بترجل الوزير من على ظهر وزارته اقرارا منه بالهزيمة بكل روح رياضية، ولم يشمت أحد بأحد وشكر الجميع هذا القرار الحكيم لان مسيرة الديموقراطية اهم ومصلحة الكويت فوق الجميع وتمضي السفينة.
هذا ما يميز الكويت في تجربتها البرلمانية العريقة في المنطقة.. مصارحة.. شفافية.. مواجهة.. ويبقى الجميع بعد ذلك اخوة يتزاورون ويتواصلون وكأن شيئا لم يكن.
awadh67@
[email protected]