من سيرة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ينقل لنا الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام «أن يهوديا كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم دنانير فتقاضاه، فقال له: يا يهودي ما عندي ما اعطيك، فقال: فإني لا افارقك يا محمد حتى تقضيني. فقال: إذن أجلس معك، فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهددونه ويتوعدونه، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله يهودي يحبسك؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يبعثني ربي عزّ وجلّ بأن أظلم معاهدا ولا غيره، فلما علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة، فإني قرأت نعتك في التوراة: محمد بن عبدالله مولده بمكة ومهاجره بطيبة، وليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب، ولا متزين بالفحش».
إن هذه القصة منقولة من كتاب «بحار الأنوار» الجزء 16، ص216.
فالناظر إلى هذه السيرة والحديث المنقول، يجد مدى عظمة أخلاق وتعامل ورقي الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم مع مخالفيه في انتهاج منهجية الاحترام والإنصاف والعدالة والمساواة، حيث يقول المرجع الديني الأعلى الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس الله سره) في تحليله لهذه الرواية التي حدثت بين الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم والرجل اليهودي: إن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم استخدم سياسة اللاعنف وعدم التهور في مواقفه الظاهرية والباطنية، وهذا اللين وانشراح الصدر هو أحد العوامل التي جذبت الناس من أهل الكتاب وغيرهم إلى الاسلام، على عكس الذين يتبعون مبدأ العنف والتهور فعقائدهم تحجمت بل واندثرت وإن كان البعض يستبطن العنف ويظهر العطف واللين في بعض الأحيان، فإنه سرعان ما ينكشف وينتهي به المطاف ولا تبقى له نائرة، فقد قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام «ما أضمر أحد شيئا إلا وظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه».
ومن هنا ندعو اهل الاسلام والمسلمين في مشارق ومغارب الأرض الى العمل على تسويق وترويج ونشر الوثائق والوقائع والقصص والأصول العقائدية الإسلامية الصحيحة إلى أمة العالم بالانفتاح والحوار واللين وحسن التعامل والاحترام مع الآخرين وإن اختلفت عقائدهم مع عقائد الاسلام الصحيح.
فاكهة الكلام: تغريدة في «التويتر»: «حرية حقوق الإنسان في التعبير.. أصبحت سياجا يحتمي به حينما يمارس الإساءة للمعتقدات الدينية لمن يخالفه في الرأي.. إنه انحراف فكري في التفكير»!
[email protected]
twitter@balkhodari