يقول الفيلسوف والأديب الصيني ليه تسي: فقد حطاب فأسه، فشك في أن ابن جاره قد سرقه، فتتبع الحطاب ابن الجار، فوجد أغلب تصرفاته تدل على أنه إنسان غير سوي، فجأة وجد الرجل فأسه، لكنه استمر في تتبع ابن جاره، ليجد أن كل تصرفاته سوية.٭(بتصرف).
حينما كان فلاسفة الغرب يتفننون في تصعيب الفلسفة، كان نظراؤهم الصينيون يتفننون في تسهيلها، فتجد أن أغلبهم كان يروي القصص والروايات حتى يفهم الأطفال فلسفتهم، والقصة السابقة كمثال وضعها أحد أبرز الفلاسفة الصينيين لتوصيل فكرة وقيمة للجميع.
نحن كعرب اختلفت الفلسفة عندنا بين ما قبل الخليفة المأمون الذي أمر بترجمة كتب الفلسفة الغربية، وما بعد ذلك، لقد كان طابع الفلسفة قبل الترجمة شرقيا في غالبه، والذي يميل إلى تبسيط الفلسفة، ويستخدم الأساطير والقصص لتوصيل الأفكار، بينما اختلف الفكر الفلسفي بعد ترجمة كتب الفلاسفة الغربيين الأوائل لدينا، فأضعنا الأولى ودخلنا بمشاكل فكرية مزقت الحضارة الإسلامية حينها ليس لسوء الفلسفة الغربية إنما لأنها دخلت في مجتمع غير مجتمعها فأثرت وتأثرت، والواقع حاليا أنها أصبحت جزءا من ثقافتنا.
مشكلة الفلسفة الغربية أنها صعبت الفهم على رجل الشارع، لذلك قام الكتاب والأدباء الغربيون باستخدام المسرح لتوصيل الفكر الفلسفي، فوصلت الأفكار ودخلت أوروبا عصر النهضة بعد أن وصلت للناس وشاعت بينهم، نحن كعرب لم نستطع أن نبسط الفلسفة، خصوصا من الجانب الأخلاقي حتى تصل الى عموم الناس، وأعتقد أن السبب في ذلك يعود الى أن الفلسفة الغربية لم تتطور بين ظهرانينا، لذلك فإن اعتماد الفكر الشرقي المناسب أكثر لفكرنا قد يكون وسيلة لرفع الوعي في المجتمعات.
وأعتقد أن العرب يمكن أن يستفيدوا كثيرا من الفلسفة والفكر الصيني والياباني كذلك عن طريق ترجمة الكتب والتواصل والاحتكاك المباشر مع ثقافة آسيا الشرقية، ولا يكون احتكاكهم مقتصرا على الثقافة الغربية، فالتنوع في موارد الثقافة إثراء للمجتمعات أيا كانت، ومن المهم جدا تكثيف البعثات للصين وشرق آسيا بالعموم حتى نفهم أكثر ثقافتهم، لاسيما أن العالم في القريب العاجل سيكون تحت سيطرة اقتصادية صينية.