ورد في إحدى القصص الشعبية الصينية أن شخصا كان ينتمي لقرية معزولة عن بقية القرى والمدن، وجد أثناء تجوله في محيط قريته مرآة، وكان أهل القرية لم يعرفوا من قبل هذا الاختراع، اعتقد الرجل أن ما يظهر بالمرآة ما هي إلا صورة لوالده الذي توفي قبل فترة بسيطة، وشديد الشبه بابنه، فأخذ المرآة إلى البيت وخبأها عن الأعين، صادف أن وجدتها زوجته، فانتظرت زوجها حتى عاد، وانفجرت بوجهه غاضبة من هذه المرأة الدميمة التي تخبئ صورتها، تفاقمت المشكلة بين الرجل الذي يدافع عن نفسه وبين الزوجة الغاضبة، حتى سمع صوتهما أحد الجيران، فتدخل ليحل الإشكال، وعندما نظر في المرآة عرف أنها تعكس من ينظر إليها ودون أن يخبرهما بذلك، قال إنه سيحل المشكلة بينهما وسيأخذ (الصورة) المرآة، انتهت هذه القصة المختصرة، والتي تضرب كما هو مفهوم منها للذي يكون عنده شيء ثمين، لكن لا يعرف قيمته، فيأتي من يأخذه منه.
الكويت ذات الموقع الجغرافي المميز، والواقعة على بحرين، الأول نفطي والآخر خليج هادئ يمكن استزراعه، وفيه مجموعة من الجزر الجميلة، التي يمكن أن تكون معلما سياحيا، وتعداد سكاني بسيط، لا توجد فيها زلازل أو براكين، كل مساحتها سهول، ولا تعاني من الانهيارات الجبلية، ولا حتى الصقيع، ولديها طفرة مالية، وتتوافر فيها كل مقومات التطور والتقدم، لكن مشكلتها الوحيدة أنها شبيهة بالمرآة في القصة السابقة، فلا يعرف أهلها قيمتها، وهم بين شد وجذب، كما حدث بين الرجل وزوجته، فلو عرفوا قيمة المرآة وطريقة عملها، لما وقعوا في المشكلة، وتحول مجهودهم إلى آلية الاستفادة منها، وكيفية تطويرها.
محاولة حل المشكلة الواقعة في الكويت، عن طريق الدخول في تفاصيلها وخصوصا السياسية، لن يصل الى نتيجة، لكن عن طريق النظرة العامة، نستطيع أن نصل الى سبب المشكلة، وهو نفس سبب مشكلة الزوج وزوجته، وهو قلة وجود الوعي، وبالحديث عن الوعي دائما ما يغالط بينه وبين الإدراك، فالإدراك في هذه الحالة يكون بمعرفة أهمية الكويت، والمجتمع الكويتي غالبا مدرك لهذه الأهمية، لكن الوعي هو المعرفة بآلية الاستفادة من هذه المميزات الموجودة لدينا وطرق تطويرها والعمل على ذلك، وهنا تكمن المشكلة، ولحلها يحتاج المجتمع لأن يمر بخبرات ويكتسب معلومات، يطور من خلالها عقله الجمعي، والخبرات تكون بطريقين، إما بسبب الظروف العشوائية، أو بصناعة المجتمع لأفراده هذه الظروف حتى يستفيد منها، والمعلومات المعرفية ممكن تقديمها للمجتمع بطريقة سهلة، عن طريق المسلسلات والأفلام والمسرح، أو بطرق الإعلام الحديثة كوسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.