أكثر ما يلفت النظر في الثقافة اليابانية هو البحث الدؤوب عن الكمال في كل شيء لدرجة أنهم كانوا يضعون مقاييس خاصة للجمال، ولأن الجمال مهما كان لا يكتمل فوضعوا فلسفة (الوابي سابي) التي ترتكز على تقبل العيوب والشوائب كنوع من الجمال، فتجد وسط الحدائق اليابانية صخورا مرمية هنا وهناك لتوصيل رسالة بأنه يمكن أن تبحث عن الجمال داخل العيوب، فلكل قبيح جماله الخاص
انعكس سعي اليابانيين للكمال على تكنولوجيتهم وصناعاتهم، فأهم ما يميز (صنع في اليابان) هو الجودة العالية، فدائما ما يسعى أي مستهلك للتكنولوجيا في أي بلد كان الى أن يحصل على منتج مطبوع عليه هذه العبارة، وتدفع الشركات مبالغ كبيرة عن طريق فتح مصنع في اليابان أو معمل فقط لتحصل على منتجاتها هذه العبارة.
رغم تفاخر اليابانيين بسعيهم الدائم للكمال إلا أن هذا السعي يسبب لهم مشاكل كثيرة منها أن المنتجات التي تستغرق 10 ساعات مثلا لإنتاجها تأخذ 6 ساعات لإنجاز ٩٥% من العمل عليها وباقي الأربع ساعات لإنجاز الـ 5% المتبقية وهي التي تمثل الكمال في نظرهم، وأقامت الكثير من المراكز بحوثا وندوات في السعي للتقليل من الوقت الذي يأخذه هذا الكمال الياباني.
ومن المشاكل كذلك ان نسبة الانتحار الياباني تتزايد بنسبة كبيرة في شهر أبريل وهو الشهر الذي تعلن فيه نتائج قبول الطلبة في المدارس والجامعات والقبول بالوظيفة في الشركات الكبيرة، ولأن الكمال أصبح هوسا فمن لم يقبل في المكان الذي يرغب في الالتحاق فيه نسبة ليست قليلة منهم ينتحر، وحتى أثناء العمل يجهد اليابانيون نفسهم لدرجة الموت وهذا ما يسميه اليابانيون (كاروشي) وهي كلمة غير موجودة إلا باللغة اليابانية والتي تعني حرفيا الموت من كثرة العمل.