يقال إن الديكتاتورية في العصور القديمة كانت لمن يملك الأرض بقصد أنه إذا تملك إنسان مساحة من الأرض كالإقطاعيين في أوروبا يستطيع أن يتحكم في البشر الذين يعيشون بها، ومع الثورة الصناعية أصبحت الديكتاتورية لمن يملك الآلات، فالذي يملك مصنعا يستطيع أن يتحكم في العمال وعلى قدر ما يملك من الآلات يستطيع أن يتحكم في الاقتصاد وفي العصر الحالي الديكتاتورية في يد من يملك المعلومات الإلكترونية أو ما يسمى (داتا).
يتم تجميع المعلومات الإلكترونية عن طريق برامج الكمبيوتر التي يستخدمها الفرد، فمثلا اذا كان من رواد مكان معين سواء ديوان أو مسجد أو غيره تستطيع هذه البرامج معرفة تكرار ذهاب هذا الفرد إليه عن طريق خدمة تحديد الموقع بالأقمار الصناعية وتعرف كذلك من هم رواد هذا المكان وخلال بحث هؤلاء الأشخاص في مواقع البحث عن المعلومات التي يميلون إليها يستطيعون أن يحددوا فكر وعقلية هؤلاء الأشخاص، فإذا كانوا مثلا من أصحاب الفكر المتطرف تقوم هذه البرامج باستهدافهم عن طريق بث مقاطع تستهدف هؤلاء الأشخاص المتطرفين فقط ليزيد تطرفهم ويقوموا بأعمال تدميرية في مكان ما دون أي أثر واضح لقيام هذه البرامج بتحريضهم، وهذا من الأمثلة على ما يعرف باسم الفوضى الخلاقة، فهذه البرامج ممكن أن تستخدم هذه الطريقة لقيام حروب وثورات داخل المكان المستهدف. فهي أسهل طريقة لتدمير العدو من الداخل دون أي تدخل عسكري.
ممكن استخدام هذه المعلومات الإلكترونية كذلك في السيطرة على الشعوب، عن طريق زرع حب شخصية سياسية معينة في قلب غالبية الشعب، فمثلا تستطيع هذه المواقع إرسال مقطع لهذا السياسي وهو يتحدث عن تطور الرياضة وتطويرها لمحبي الرياضة ومقطع عن توفير فرص العمل للعاطلين وهكذا، وأشهر مثال على ذلك قضية الفيسبوك المنظورة حاليا في المحاكم الأميركية.
صحيح أن التكنولوجيا طورت جدا من مستوى حياتنا لكنها جعلت مشاعرنا وتوجهاتنا سلاحا فتاكا في يد غيرنا، ولكي نفهم العصر الذي نعيش فيه لابد من فهم هذه النقطة والسعي كعالم عربي موحد أو حتى كدول متفرقة بالسعي للحصول على هذه (القوة الناعمة) من المعلومات الإلكترونية.
تصرف الدول العربية على التسليح العسكري المليارات ولا يوجد أي دولة تصرف القليل للحصول على سلاح المعلومات الإلكترونية وهو نووي العصر الحالي. فتستطيع أن تدمر أي عدو من الداخل عن طريق استخدام مثل هذه المعلومات والبرامج.