لو أراد اليابانيون أن يختاروا كلمات من لغتهم ليتفاخروا بها على اللغات الأخرى لكانت كلمة «وابي سابي» أهم الخيارات المطروحة والتي تعني رؤية الجمال والمحافظة عليه كما هو بكل تفاصيله السيئ منها والجيد فلكل شيء جمال خاص به حتى الأشياء التي نعتقد أنها ليست جميلة. لن يختار اليابانيون هذه الكلمة لأنها جميلة في حد ذاتها، ولكن لأن جمالها يكمن في الثقافة المرتبطة بها والفكرة التي لو طبقها الإنسان سيرى الدنيا بشكل أجمل وأروع.
«الوابي سابي» هو عنوان لفلسفة جمالية تدل على الروح والطبيعة اليابانية وأهم قيمها ثلاث، الأولى: لا وجود للكمال بمعنى أنه مهما كان الشيء جميلا فلابد من أن تكون له مساوئ فتقبل الشيء على شوائبه أهم فكرة في هذه الفلسفة، ثاني أهم قيمة هي: لا توجد ديمومة، فكل شيء مهما طال بقاؤه لن يبقى على حاله، وتغير الأشياء له جماله الخاص، أما الثالثة فهي: لا شيء منته، فكل شيء يتغير لكنه يبقى بشكل مختلف، ومع كل اختلاف يتغير الجمال.
تنقسم الكلمة إلى قسمين كل جزء منها مأخوذ من مجال جمالي مختلف في الثقافة اليابانية فالجزء الأول (وابي) مأخوذ من تقديم الشاي على الطريقة اليابانية، وهي طريقة ابتكرها أحد مشاهير تقديم الشاي الياباني في القدم فكانت محلات الشاي الفاخرة تقدم الشاي في الأواني الصينية الجميلة، فقام هو بتقديم الشاي في الأواني الفخار المصنوعة في اليابان على أيدي صناع مهرة، ليس الصينيون في ذلك الوقت في جودة مثيلهم. أما «سابي» فهو طريقة شعرية أبتكرها «باشو» أحد أعمدة الشعر الياباني.
أشياء جميلة لا يستمتع الإنسان بها، لأن فيها نواقص فتصبح النواقص هي ما يركز عليها عقل الإنسان لتصبح هي الحياة ويلغي باقي الجماليات الموجودة، البحث عن الكمال قد يكون غريزة إنسانية يسعى وراءها الإنسان حتى يقضي حياته دون الوصول إليها، وفكرة «الوابي سابي» في تقبل الحياة بنواقصها، بل والبحث عن الجمال في هذه النواقص مريحة للنفس وأجمل للعيش.