يقول ويل ديورانت في كتابه «قصة الحضارة» فيما معناه إنه كلما زادت التحديات على مجتمع أصبح أقوى وقابلا للتطور والبقاء أكثر من المجتمعات التي تعيش في سلام، ضرب في ذلك مثالا لحضارتين صينيتين قديمتين الأولى كانت تقع على النهر الأصفر المعروف بكثرة فيضاناته وتدميره للحرث والزرع وهو النهر الذي قتل في فيضان واحد فقط أكثر من 4 ملايين إنسان وحضارة أخرى تقع على نهر يانغتسي المعروف بهدوئه واستقراره، نظريا يبدو أن الواقعة على النهر الهادئ قابلة للاستمرار أكثر من تلك الواقعة على النهر الثائر، لكن الواقع يخبرنا بأن ما حدث العكس، وقد يكون ذلك بسبب فطرة الإنسان التي تشتد صلابة كلما زادت عليها الضغوط.
الأمثلة كثيرة، فهذا المجتمع الياباني الذي يعيش على أرض غير قابلة للسكن أصلا وبدون موارد وتكثر فيها الكوارث الطبيعية يطرح مثالا جيدا على أن التحديات تزيد من قوة الإنسان لا تضعفه تطبيقا للمقولة (الجرح اللي ما يذبحك يقويك).
الدمار والحرب التي حصلت وتحصل بالدول العربية كالعراق وسورية والقتل الذي يشمل الأبرياء سيئ بكل أنماط التفكير، لكن هذا لا يعني أن ينصب التفكير على الخسائر، فما حدث في كوريا الجنوبية من مصائب لم يجعل منها دولة ضعيفة بل جعل منها دولة تنافس الدول المتقدمة والصناعية، لا يخفى على أحد أن كوريا دولة عانت من المجازر منذ عام 1910 حتى 1945 ومن ثم دخولها بحرب أهلية منذ عام 1950 حتى عام 1953 وحدثت فيها من المجازر البشرية ما لا يخطر على قلب بشر، وعلى الرغم من ذلك كان التعليم من أهم أولويات كوريا الجنوبية ولم يكن مهم بالنسبة للشمالية والمعطيات الحضارية بالجنوبية اليوم دليل على أهمية التعليم بشكل عام وبعد الكوارث بشكل خاص ودوره الكبير في تطور الأمم.
ما حدث حدث فلا يعني هذا التقهقر بالماضي والنواح عليه، بل المهم الآن أخذ الدروس من هذه التجارب السيئة والالتفات للمستقبل والاهتمام بالتعليم حتى نطبق التجربة الجنوبية ولا تكون الشمالية هي النتيجة.