ملك فرنسا لويس الحادي عشر المعروف بذكائه وخبثه في الإطاحة بخصومه عن طريق الدسائس لدرجة أنه كان يلقب بلويس العاقل، تسلم الحكم وهو ضعيف مقارنة بمنافسيه لكنه استطاع أن ينتصر عليهم رغم ضعفه، على الرغم مما سبق كان لديه عيب وهو الإيمان القوي بالمنجمين والمشعوذين بل كان لديه منجمه الخاص به، وكان المشعوذ ذا حظوة عنده إلى أن رأى الملك أن المشعوذ ممكن أن يقتله بشعوذته، فقرر قتله، فاستدعاه إلى غرفته في أعلى القصر وأمر الحراس بأن يرموا المشعوذ عندما يعطيهم الإشارة، أتى المشعوذ وقبل الإشارة سأله لويس هل تعلم متى ستموت؟ فأجابه: نعم سأموت قبل حضرتكم بثلاثة أيام، فبدلا من أن يقوم الملك بقتله أمر بأن يراعى مراعاة خاصة وكلف أطباء القصر بأن يهتموا بصحته ويأكل أفضل الأكل الصحي والمفيد، وطبعا كما هو متوقع مات لويس وظل المنجم ينعم بالحياة أعواما مديدة بعد وفاته.
كانت إجابة المنجم ذكية، استغل فيها العامل النفسي وإيمان الملك القوي بالتنجيم، ولا يستطيع الملك التأكد من صحتها أو خطئها.
تاريخيا كانت هناك منافسة قوية بين التنجيم والأديان الوضعية، ففي بداية التاريخ كانت البشرية تؤمن بالتنجيم إلى أن ظهرت الأديان الوضعية وانتصرت عليه، فتكيف التنجيم بأن دخل من إطار الأديان الوضعية فأصبح الكاهن هو المنجم، ولما انتشرت الأديان السماوية في الأرض عادت الشعوذة إلى الاضمحلال وخرجت من المنافسة، إلى أن أتى عصرنا الحالي وانتشر العلم والمعرفة فقلت أكثر الشعوذة بعد أن كان لها السيطرة ببداية البشرية.
لم ينته الوضع على هذه الحال وعادت الشعوذة إلى التلون، فلبست الإطار الديني والعلمي في الوقت نفسه، فكيفت بعض القواعد العلمية مع بعض الأقوال الدينية لتظهر لنا بما يسمى (علم الطاقة) وهو بالطبع ليس علما، ولكن يسوق على أنه كذلك، فتغير مسمى المشعوذ إلى عالم طاقة، هو أسهل مسمى يمكن لإنسان أن يحصل عليه فلا يحتاج سهرا وتعبا في طلب العلم، وكل احتياجاته أن يكون الشخص يعرف كيف يستخدم الثغرات النفسية لدى غيره حتى يصبح عالما، ووضعت بعض القوانين التي لها مسميات علمية كقانون الجذب وهي ليست قوانين علمية ولا يمكن قياسها أو تجربتها في المختبر، وأخذت بعض الأقوال الدينية وحرفها عن مواضعها حتى تدعمهم وتؤيدهم، كل إجاباتهم وقوانينهم مثل إجابة مشعوذ الملك تستغل الثغرات النفسية والعقلية لدى الإنسان، كرغبة الإنسان في السعادة والحصول على الحياة المريحة والمناصب العالية، ولأن الكسل من طبع البشر فلا يجتهدون حتى يحصلوا على ما سبق فيقوم المشعوذون الجدد بإبدال الاجتهاد والمثابرة ببعض التمارين والطرق الخزعبلاتية يقوم فيها الضحية وهو جالس في منزله فلا يخرج من كسله ويقنعونه بأنها سبب للسعادة، وهدفهم من ذلك مثل هدف المشعوذين القدماء وهو المال والشهرة والتقرب من السلطات.