مهما كان الإنسان قاسيا ومتسلطا فلن يصل حتى إلى نصف ما فعلته وو شتيان الامبراطورة الصينية، التي كانت مجرد جارية من ضمن جواري الامبراطور جاوزونج، وكان من مسؤوليتها أن تغير ملاءات سريره، فحصلت لها الفرصة العظيمة، بأن تتقرب من الامبراطور، وهذا ما حدث، فوصلت لمرحلة أن ضمها إلى محظياته، ولم يكن من السهل أن تحافظ على هذه العلاقة لوجود ٢٧ محظية غيرها يتنافسن على التقرب من الامبراطور أكثر، وهذا التنافس كان في غاية الخطورة، فكان من السهل جدا إعدامها بسبب مكيدة من محظية أخرى.
حافظت وو على مكانها، ولكن كان خوفها ما بعد موت الامبراطور، إذ جرت العادة على أن يحلق المحظيات رؤوسهن ويذهبن للمعبد ليستقررن هناك مدى الحياة، وحتى تتجنب ذلك أقامت علاقة غير شرعية مع ابن الامبراطور، فأصبحت من ضمن محظياته بعد موت أبيه وتنصيبه امبراطورا، فأرادت أن تتخلص من زوجته الرسمية وأن تحل هي مكانها، فعندما رزقت بطفل جاءت زوجة الامبراطور حتى تراه، وما إن خرجت الزوجة حتى خنقت وو طفلها، بهدف أن توهم الامبراطور بأن زوجته هي من قتلته، فكان لها هذا، فقام الامبراطور الجديد بإعدام زوجته بسبب المكيدة، فأصبحت وو زوجته الرسمية.
لم تكتف وو بقتل طفلها الأول بل تعدت ذلك حتى قتلت ابنها الآخر اللذي كبر ونصب رسميا وليا للعهد فقامت بتسميمه، وكادت لابنها الآخر حتى تم سجنه ونفيه ولم يتبق أمامها إلا ابنها الرضيع ليصبح امبراطورا وهي الوصية عليه، من ثم أجبرته عندما كبر حتى يتنازل لها عن العرش، لتصبح امبراطورة على الصين.
قصة وو بما فيها من قتل لأقرب الأقربين توضح كيفية أن حب السلطة يعمي عين الإنسان، لدرجة تصل لأن يقتل أبناءه، صحيح بأنه ليس حدثا عاما بالتاريخ لكنه تجده يتكرر في كل مكان وزمان باختلاف الأشخاص والمسميات، فكم من شخص عرف عنه الصلاح ورجاحة العقل يتغير عندما يمسك منصبا ما حتى لو كان منصبا صغيراً كرئيس قسم، فالمناصب لا تحتاج إلى الخبرة فقط بل تحتاج إلى أن يكون صاحبها إداريا جيدا حتى يستطيع أن يملأ هذا المنصب، فما يقوم به ديوان الخدمة من اعتماد مدة الخدمة كمقياس أساسي لترقية الموظفين وإعطائهم مناصب ومسميات خطأ بكل المقاييس.