الحرب العالمية الثانية كانت مسرحا كبيرا لعمليات التخريب والتجسس، وإثارة النعرات العرقية والطائفية بين المجتمع الواحد بتدخلات خارجية طبعا، وكان للاستخبارات الأميركية دورها المهم في هذا الموضوع بطرق عديدة من ضمنها استخدام المواطنين الأميركيين الذين يعملون بالخارج ليصبحوا «مخربين» بشكل يومي في أماكن عملهم ومكاتبهم داخل الدول العدوة أو الموالية للأعداء أو حتى الدول المحايدة والصديقة أحيانا.
وكانت الاستخبارات الأميركية توزع على بعض مواطنيها العاملين بالخارج كتيبا من 32 صفحة بعنوان «الدليل الميداني البسيط لعمليات التخريب»، ويحتوي على تعليمات تخريبية بشكل غير مباشر، من ضمن هذه التعليمات، يجب على المدير (المخرب) أن يقرب العاملين الفاشلين منه وأن يختار أسوأ عامل ليصبح نائبه ليكون في منصبة بالمستقبل، وأن يخلق مشاكل ويبعد كل عامل مجتهد، وتأجيج العنصرية والفئوية لدى العاملين والمعارف حتى يتنازع الناس فيما بينهم، وعدم التعاون مع أي عمل يفيد الدولة، وبذل الجهد في أي عمل لا يفيدها، ومن الطرق التخريبية إتلاف أي وثائق مهمة أو تجاهلها، ونصرة الظالم على المظلوم حتى تصبح هناك فرقة في جو العمل ما يؤدي إلى التباطؤ أو حتى وقف الإنتاج.
هذه العمليات «التخريبية» قد تكون مشاهدة بشكل يومي في مجتمعاتنا العربية، لكن من يقوم بها ليسوا مخربين مندسين بل مواطنون وقد يكونون وطنيين حتى النخاع، وليس لديهم أي هدف للتخريب، لكن أصبحت هذه الطرق «التخريبية» من أعراف العمل لدينا، فالكل يسعى لأن يعين قريبه مثلا حتى وان كان لا يفقه شيئا، لمجرد صلة القرابة، والويل لمن لا يعين قريبه فيعاقبه المجتمع بالقطيعة وسوء التعامل، والموظف المجتهد يقابل بسوء التعامل والنفي من الادارة أحيانا، لأنه ممكن أن يحصل على منصب يريد أن يستولي عليه قريب هذا المدير أو ذاك الوكيل.
مثل هذه الحالات ينصفها القضاء عندما تحال إليه في بعض الدول العربية مثل الكويت بعد فترة طويلة قد تصل لسنتين، لكن مسؤولي المشتكي لديهم طرق للتلاعب على هذه الأحكام القضائية، فيخاف أي موظف من التوجه للقضاء حتى لا يتعرض للنفي والتهميش، فيكمن الحل لهذه المشاكل باعتماد قوانين إدارية جديدة، بعد دراسة الحالات التي تعرضت للظلم في أماكن عملها، وسد الثغرات القانونية التي يستخدمها بعض المسؤولين للتلاعب.