كنت محبطا في نيو أمستردام، أشاهد.. هذه فتاة شقراء، بدأ السيد جونز بمـحادثة راقصة الفلامينغو سوداء الشعر.
هذه كانت مطلع أغنية «مستر جونز» وهي تحتوي في طياتها على معاني حب السيطرة وعدم وجود هدف بالحياة وأصبحت رمزا لجيل كامل في الولايات المتحدة وهو الجيل المولود بالفترة ما بين ١٩٥٤ إلى ١٩٦٥ وهم الذين ولدوا بعد الاستقرار الذي حصل في العالم بعد الحربين العالميتين، فوجدوا أنفسهم بعالم متطور جميل خال نسبيا من الحروب فزاد التكاثر والزيجات وتطور الطب حتى قل كثيرا عدد من يموتون أثناء الولادة أو بسببها.
يقول علماء الاجتماع الأميركان إن هذا الجيل محظوظ جدا، فالرخاء الاقتصادي جعلهم يولدون وفي أفواههم ملعقة من ذهب، والتطور التكنولوجي جعل حياتهم أمتع، والتطور الطبي جعل حياتهم أصح وأطول ممن سبقهم من الأجيال، فانعكس ذلك عليهم بأن يصبحوا جيلا يمشي وراء غرائزه دون التفكير بالعواقب، فهم استهلاكيون محبون للسيطرة، لا يفكرون إلا بمصالحهم الشخصية.
ليس من الصدف أن نفس الظروف كانت لنفس الجيل الذي ولد بالخليج عموما، ظهر النفط قبل الحرب العالمية الأولى، ولكن تمت استفادة دول الخليج فعليا من مردود النفط المالي في مطلع الخمسينيات، فالمولودون قبل الخمسينيات كانوا يعملون أعمالا شاقة كالسفر بالسفن والتنقل لطلب المرعى، ولما حدثت الطفرة المالية حاول الجيل السابق أن لا يعرض أبناءهم وأحفادهم لما تعرضوا له من تعب من أجل لقمة العيش، فوفروا لهم كل سبل الراحة.
الجيل المولود بين ١٩٥٤ و١٩٦٥ في فمه ملعقة من ذهب، وتخرج من مدارس نظامية بسيطة وكانت كل الفرص الوظيفية متاحة له فيتنقل من وظيفة ممتازة إلى أخرى أفضل، ولأن الخبرة والذكاء يأتيان من التحديات لم يواجه هذا الجيل التحديات التي تواجهها الأجيال السابقة واللاحقة، وهو لا يزال يسيطر على عصب الدولة وطبعا الحديث عن (حالة اجتماعية) ولا يقصد الحديث بالمجمل المولودين بهذه الحقبة.