أتت الأسبوع الماضي صحافية يابانية من صحيفة «يومي يوري» التي تعتبر من أشهر الصحف باليابان، وهي مسؤولة الشرق الأوسط حيث تكتب، كان هدفها من المجيء للكويت هو كتابة تقرير صحافي عن تبني الأيتام في الكويت، وأثناء ذلك، تقابلنا للتعارف والتبادل الثقافي بحكم أن تخصصي بالشؤون اليابانية.
دارت بيننا أنواع مختلفة من المواضيع عن اليابان والدول العربية خصوصا مصر بحكم معيشتها هناك والكويت بحكم تواجدها فيها، (الواسطة) كانت أهم المواضيع التي تطرقنا إليها، فقالت إن الحياة سهلة في المجتمعات التي تعتمد (الواسطة) كطريقة حياة، مبررة ذلك بسهولة الوصول إلى ما تريد عن طريق المعارف وتبادل الواسطات، قد يكون كلامها صحيحا بالنسبة لشخص يمثل صحيفة عريقة في دولة مثل اليابان، فالكثيرون يميلون لمساعدة الشخصيات المهمة (والتوسط) لهم.
كانت وجهة نظري بالموضوع ان الواسطة تمنع المجتمع من التطور، وذلك لأن الشخص لا يحتاج لأن يجتهد في طلب العلم وتطوير نفسه في مجال عمله لأن المقياس ليس جودة الموظف بل المقياس جودة علاقات الموظف ومدى تأثيره أو تأثير عائلته في المجتمع، فالاجتهاد الفعال في هذه المجتمعات هو الاجتهاد بالتعرف على أكثر كمية ممكنة من الأشخاص المتنفذين، وهذا ما ينشر التملق في المجتمع، وفوق هذا يكون عنصرا فعالا في نشر الدسائس ضد الأشخاص المنافسين، لأن المنافسة ليست شريفة، وأما المجتهد الفعلي فسيتوقف عن الاجتهاد عادة بعد أول تصادم في مجال عمله ومعرفته بأن اجتهاده العلمي والمعرفي لن يطور من وضعه.
الشخص المجتهد لا يمكن أن يتملق فمكانته العلمية أو معرفته الثقافية تمنعه منها فيسود المجتمع الأفراد ذوي المكانة العلمية القليلة والمتسلقين، ويصبح العلماء والمثقفين (معقدين) بوجهة نظر المجتمع لأنهم يهتمون بالجودة وحسن الإدارة وهي أشياء ثانوية بالنسبة للمتسلقين.