معلم (طيب) يتساهل مع الطلبة، يدرسهم قليلا لكن ينجحهم بسهولة ويزيدهم بالدرجات، يلقى استحسانا من الطلبة والمجتمع، لكنه في الواقع يهدم جيلا، بينما معلم آخر يشرح طوال الوقت، يجتهد في توصيل المعلومة، لا ينجح الطلبة بسهولة ويعطيهم درجاتهم العادلة، يلقى استهجانا من الطلبة والمجتمع، لكنه يبني جيلا، هنا يظهر الفرق بين المجتمع الواعي وخلافه.
مثال آخر، (سين) من الناس يلقى طفلة ميسورة الحال، يعطيها بعض النقود حتى يعينها على الحياة ودراستها، والدا الطفلة استساغا المال السهل، أخرجا الطفلة من مدرستها، جعلاها تمتهن الشحاذة، (سين) نال استحسان المجتمع، لكن بتصرفه (الطيب) حوّل طفلة من طالبة إلى شحاذة.
بعد أن امتهنت الشحاذة مرت نفس الطفلة من أمام (صاد)، فرفض أن يتصدق عليها، حتى لا تتمرس الشحاذة، نال استهجان الناس، لكن لو تصرف الناس مثله، لرجعت الطفلة لمقاعد الدراسة.
وكم من عامل نظافة يعمل عملا شريفا ومحترما أمام أبنائه وأسرته، صنعنا منه شحاذا عند إشارات المرور بما نسميه (طيبة قلوبنا).
الأمثلة كثيرة لكن هذين المثالين مشاهدان داخل المجتمع، ويوضحان أن ليس كل ما يستحسنه المجتمع هو فعل جيد، وليس ما يستهجنه المجتمع هو فعل قبيح، فكم من شخص مستنير يريد أن يبني مجتمعا صحيا، يتعرض للظلم واستهجان المجتمع فقط لأن لديه فكرا أبعد.
بمجرد دخولك على (ترجمة جوجل)، تستطيع أن تجد مقابلا لكلمة (طيب) في أشهر لغات العالم، لكن الفكر الثقافي المرتبط بكلمة طيب يختلف من مجتمع لآخر، فتجد المعلم الذي يستحسنه مجتمعنا يراه مجتمع آخر بأنه معلم كسول وليس (طيبا)، بينما المعلم الذي يستهجنه مجتمعنا يراه مجتمع آخر معلما مثاليا، يجب أن يكون قدوة للمعلمين الآخرين.
كيفية نظرة المجتمع للقيمة الاجتماعية وآلية تطبيق المجتمع لها، هي الفكرة الأساسية التي تجعل من المجتمع متطورا أو لا، وبالأفكار السليمة وحدها تبنى المجتمعات، وكلما كان الفكر سليما تطور المجتمع أو الفرد، والعكس صحيح.