لا أحد ينافس اليابانيين بالحصول على جائزة نوبل للغباء أو ما يسمى بـ (إيغ نوبل)، وهي جائزة قامت بتأسيسها إحدى دور النشر الأميركية عام ١٩٩١ لتحاكي جائزة نوبل العالمية لكن بشكل فكاهي، حيث تعطى الجائزة لأكثر الأبحاث سوءا، واليابانيون حصلوا عليها أكثر من ١٣ مرة منذ تأسيسها، وبذلك يتصدرون أكثر الشعوب حصولا عليها.
في الحقيقة، الأبحاث الحاصلة على هذه الجائزة رغم عدم معرفة الهدف منها في البداية لكنها تتطور حتى تصبح أبحاثا مهمة وهادفة، على سبيل المثال: حصلت جامعة هوكايدو اليابانية على هذه الجائزة عام ٢٠٠٨ بسبب اكتشافها أن أحد أنواع العفن المسمى بالغروري يستطيع أن يحل لعبة المتاهات ليحصل على طعام، فهذا العفن يستطيع أن يكتشف أسهل وأقصر الطرق للوصول الى مبتغاه، ومع تطور الأبحاث وصل العلماء اليابانيون إلى أنهم يستطيعون الاستفادة منه في تخطيط المدن، وقاموا بصنع خريطة لطوكيو ووضعوا فيها هذا العفن، فخطط طوكيو التي تعتبر من أضخم مدن العالم تخطيطا سليما وصحيحا مقاربا جدا لما تكون عليه طوكيو الآن، على الرغم من أن تخطيط طوكيو كلف اليابان المليارات حتى تصبح أسهل المدن بالتنقل فيها.
على الرغم من كرهي للسياسة والخوض فيها، إلا أن أحيانا ذاكرة الإنسان وعقله يخوناه، فتذكرت هذه الجائزة عندما تم افتتاح جامعة الشدادية، هذا الصرح الأكاديمي الجميل، والذي كان يعيب افتتاحه أنه من الصعب الوصول إليه لأن الطرق المؤدية إليه غير مخطط لها جيدا، فعانى كثير من الطلبة وسيعانون من الازدحامات حتى يتمكنوا من اللحاق بمحاضراتهم، وبما أن العفن الغروري يستطيع أن يخطط الطرق بجودة عالية، نستطيع أن نستعين بهذا العفن عوضا عن وزارة الأشغال، وإذا كانت فائدة الفطر أفضل منها، نغلق الوزارة ونعتمد على العفن في تخطيط الطرق، ونعطي الوزارة جائزة نوبل للغباء بدلا عن العفن أو ممكن أن نغير مسماها لوزارة العفن العامة.
وزارة الأشغال تثبت فشلها يوما بعد يوم، فكوارث الأمطار وتطاير الحصى والتأخير الإسكاني ومشاكل الصرف الصحي والفساد الإداري، كلها تثبت فشل الوزارة في الإنشاءات وحل المشاكل الطارئة، وهذه المشاكل تمس المواطن بشكل مباشر تجعله يستشعرها يوميا، ونتيجة حتمية لذلك قام المواطنون بحملات تطالب الوزارة بسرعة إنجاز المساكن كحملة (ناطر بيت)، وعلى الرغم من إنشائها قبل أكثر عشر سنوات مازال المواطنون منتظرين البيوت، وتواريخ التسليم تتأخر كل مرة، والعوائل تتأزم من الإيجارات التي تزيد ولا تنقص ومساحات الشقق التي تنقص ولا تزيد، وهذا كله يؤثر على نفسية المواطنين وأبنائهم.