لم يكن هناك أشهر من الطبيب الشعبي مايكل شوباخ في منتصف القرن السادس عشر، فهو معروف بأنه يستطيع أن يعالج من لا علاج له، كان مايكل يسكن في قرية نائية في أعالي أحد الجبال السويدية، فكان على المرضى أن يصعدوا إليه مرورا بأجمل ما تملكه الطبيعة من مناظر، فيصل إليه المريض وقد شعر بالشفاء، لذلك كان يعتقد الناس بأن لديه قوة خارقة للطبيعة تشفي كل من يلجأ إليه، وكانت لديه صيدلية من الأعشاب ذات المذاق والرائحة الجميلة ويطلق عليها أسماء أجمل بعكس معاصريه من الأطباء، فذاع صيته في كل أوروبا، وأصبح مقصدا للطبقة المخملية، وكان شوباخ فنانا في التعامل مع نفسيات المرضى، يجعل المريض ينتظر لأوقات طويلة في غرفة زجاجية مزينة ومليئة بالأعشاب العلاجية فتهدأ نفسه، وعند دخول المريض إليه يتعاطف معه ويشعره بالراحة النفسية ويشرح للمريض آلية أن يريح نفسه وينعزل عن حياة المدن الصاخبة التي يأمنها مرضاه المخمليون.
يذكر الكاتب روبرت جرين أن أحد مرضى شوباخ ادعى بأنه ابتلع عربة بأحصنتها بسائقها داخل جوفه، فلما وصل للطبيب ليعالجه تعاطف معه وقال إنه يسمع صوت السياط داخل جوف المريض وأعطاه دواء مخدرا وآخر للاسترجاع، واستأجر عربة ولما استفرغ المريض ما في جوفه بسبب الدواء مرت العربة التي استأجرها الطبيب من أمامه فقال شوباخ للمريض: لقد استطعت أن أخرج العربة من جوفك، فاقتنع وتشافى من مرضه النفسي.
في القرن السادس عشر كان هناك شوباخ واحد، أما في عصرنا ما أكثر الشوباخات، فوسائل التواصل الاجتماعي تزخر بهم، يستغلون حاجات المرضى الملحة ورغبتهم في الشفاء حتى يسوقون دجلهم وأكاذيبهم، الضغط النفسي الذي يواجهه المريض يجعل لديه قابلية للتعامل والتداوي في أي شيء حتى يشفى، واستغلال هؤلاء المشعوذين والدجالين لهذه الحاجة موجود منذ قدم الزمان، لذلك الدول تضع قوانين لحماية المجتمع من هؤلاء، قبل انتشار وسائل التواصل كان الموضوع قابلا للسيطرة لكن مع انتشارها أصبح لديهم تسويق قوي باستخدامها، والمشكلة أن المسوقين لها هم مستخدمون هذه التواصل من كل الفئات الاجتماعية.
لحل هذه المشكلة لا بد من نشر الوعي بخطورة هذه المقاطع عن طريق الحملات الإعلانية التي تقوم بها الدولة، فكم من مريض تدهورت حالته الصحية وأصبح يعاني من أمراض أخرى بسبب هؤلاء الدجالين، والأمر ليس عند هذا الحد فقط هناك حالات وفيات كثيرة بسبب هذه الخزعبلات، تسليط الضوء على هذه الحالات التي فقدت حياتها عن طريق الإعلام كفيل بتوصيل فكرة خطورة هذه المقاطع.