«دعونا نتذكر أن أولئك الذين نقاتلهم اليوم (الجماعات الإسلامية في أفغانستان) نحن من قمنا بدعمهم يوما ما قبل 20 عاما.
فعلنا ذلك لأننا كنا في صراع مع الاتحاد السوفييتي، ولم يكن بإمكاننا أن نسمح لهم بالسيطرة على آسيا الوسطى… في النهاية انسحب السوفييت، لم يكن استثمارا سيئا فقد أسقطنا الاتحاد السوفييتي ولكن علينا أن نتأكد أن ما نزرعه فسوف نحصده»، هذا ما قالته هيلاري كلينتون، وهو اعتراف شبه رسمي بأن الولايات المتحدة هي الصانع الرئيسي للمشاكل الأفغانية ودعم الحرب الأفغانية ضد الاتحاد السوفييتي، وكان الهدف من ذلك هو تدمير الاتحاد دون أن تطلق أميركا رصاصة واحده في الحرب، وهذا ما حدث.
بعد سقوط الاتحاد أصبح العالم تحت الوصاية الأميركية إلى أن أتى الزعيم الصيني دنغ شياو بينغ فقام بنهضة اقتصادية بدأت من خلال هذه النهضة الصينية فرض نفوذ اقتصادي صيني على العالم يهدد النفوذ الأميركي، وتتوالى الأحداث حتى بدأت الحرب الاقتصادية الصينية ـ الأميركية العام الماضي والتي يبدو فيها بشكل واضح التخوف الأميركي من الصين، فرأت أميركا أن المخططات للحدّ والسيطرة على النفوذ الصيني في العالم أخرت من تطور الصين ولكن لم تسيطر عليه، فكان لابد من المواجهة بشكل مباشر فبدأت شن الحرب الاقتصادية عليها.
تعاني جميع الديانات في الصين من الاضطهاد، فالإلحاد هو الفكر الرسمي للدولة، ففي عام 2008 حدثت اضطرابات التبت البوذية، وقامت الصين بمجازر تجاه المحتجين البوذا، أما المسيحيون فيعانون من الاعتقال والاضطهاد منذ الأربعينيات، ومازال أعضاء الكنيسة الرومانية الكاثوليكية السرية في الصين يعانون من ذلك.
تباكي الإعلام الغربي وبكثافة شديدة على المسلمين قد يكون الهدف منه تأجيج المسلمين ضد الصين وبداية لحشد التيارات الإسلامية للجهاد في الصين وإعادة السيناريو الأفغاني ضد السوفييت وعلى حساب المسلمين، أليس من الأولى أن يتباكى الإعلام الغربي على المسيحيين بالصين من التباكي على المسلمين.
هذه الجرائم ضد المسلمين ليست جديدة إنما كانت بدايتها منذ قبل عام 2010، غريب أن يتم استخدامها الآن.
لا يهدف هذا المقال للتقليل من شأن الجرائم الواقعة على المسلمين في الصين، إنما الهدف هو عدم اتخاذ القرارات بشكل عاطفي، دون التفكير بالعواقب ومثال الثورة السورية ليس عنا ببعيد.
تعاني الصين حاليا من شبه عزلة سياسية دولية وبالتأكيد لا ترغب بأن تسوء علاقتها بالدول العربية، خصوصا حاجتها الشديدة للنفط العربي والأسواق العربية، فمن الذكاء الضغط عليها بهذه الأوراق لتحسين أوضاع المسلمين فيها، دون الرضوخ للإعلام الغربي لتخريب العلاقات الصينية ـ العربية.